هل تستطيع أموال الخليج سحب البساط من "هوليوود الشرق"؟
مصر أرض الفنون ومهد الحضارات "هوليوود الشرق" التي كانت ومازالت تحتضن المبدعين من ابنائها وابناء أشقائها العرب، حتى أنها حاضنة للفنون الغربية، فهي مركز ثقل تنتج الثقافة وتورثها أجيال وراء أجيال.
فلقد خرج من رحمها الاف من المبدعين في كافة المجالات الثقافية والفنية والسياسية والطبية والعلمية، وكانوا محط أنظار الجميع واحتفى بهم العالم أجمع على مر التاريخ.
وعلى الرغم من افتقار مصر للإنتاج الفني والدعم المالي للفنون ومحاولة دول الخليج لفرض السيطرة إلا أنهم لم يستطيعوا خلق مبدعين مثل أم كلثوم وعبدالحليم، فلم يخرج من رحمهم نجيب محفوظ أو أحمد زويل أو مجدي يعقوب.
فهل ستستطيع أموال الخليج جذب المبدعين الان ونقل "هوليوود الشرق" لها؟
*الأيدي الناعمة
ففي الوقت الذي تستعد فيه دار الاوبرا المصرية لعرسها السنوي "مهرجان الموسيقى العربية" والذي سيكون مختلفاً هذا العام لكونه اليوبيل الفضي للمهرجان، وبالطبع سيكون له رونقاً خاصاً وحسابات أخرى، المهرجان الذي يقام في شهر نوفمبر ويشارك فيه نخبة من نجوم الوطن العربي ليس الكبار فقط بل تحتضن الأوبرا الأجيال الصاعدة لتغرس فيهم روح المشاركة والتعلم، سيكون هذا بالتزامن مع افتتاح دار أوبرا دبي في شهر أكتوبر القادم، فهل هناك خطر يهدد دار الأوبرا المصرية هذا الصرح العظيم؟
دار أوبرا دبي التي تم بناؤها على أعلى طراز في قلب المدينة بجانب برج الخليفة على هيئة كثبان رملية لتكتسب الطبيعة الصحراوية للمدينة، هذا الصرح الذي استطاع جذب الملايين من السياح قبل افتتاحه وأصبح محط أنظار الجميع ويحضرون الان لإفتتاح مهيب يحييه الفنان الإماراتي حسين الجسمي .
فهل يحاول الخليج جذب الفنانين العرب لهم وإبعادهم عن مصر وعن دار الاوبرا المصرية؟ ومن المعروف أن دار الاوبرا بجانب برج القاهرة الذي كان يعد واحداً من أطول الابراج في العالم ومحط أنظار الجميع، ولكن بعد بناء برج الخليفة انتقلت كل العيون على دبي التي أصبحت قطعة من أوروبا، فهل بناء دار أوبرا دبي بجانب برج الخليفة له مغزى خاص؟
*شبح التسريبات
هذا يجعلنا نسترجع سيطرة الشركات الخليجية على الفن والفنانين في الفترة الاخيرة، وشبح التسريبات الذي هاجم الفنانين المصريين اخرهم النجم تامر حسني الذي تم تسريب ألبومه "عمري ابتدا" قبل صدوره بأيام، وتم إتهام شركة روتانا بتورطها في ذلك فلقد كان المطرب العربي الوحيد الذي يتم إطلاق ألبومه في رمضان، فهل كانت تسعى روتانا منذ البداية لخسارة الالبوم بإطلاقه في الشهر الفضيل؟
نجوم اخرين تم تسريب ألبوماتهم مثل عمرو دياب وشيرين ورامي صبري وغيرهم، واتجه البعض الان للإنتاج الشخصي لضمان عدم تسريب جهد وعمل سنين في أيام إما بسبب أخطاء موظفين مثلما يتم الإعلان، أو هناك مصالح شخصية خافية يسعى إليها أعداء النجاح.
*صناعة الإبداع
كما ان هناك موجة يلاحظها الجميع وهي أن معظم الحفلات الان يتم عملها في دول الخليج، وخاصةً في دبي وأبوظبي، نعم هناك حفلات في مصر ويحييها نجوم كبار ولكن تتجه الان الأنظار إلى الخليج فالعائد المادي أكبر وإدارة وتنظيم الحفلات يكن بأعلى مستوى، فإقامة حفلة بمصر لنجم كبير يحتاج إلى دعم مادي لن يستطيع المنظم إسترداده من تذاكر الحفلة، نظراً لأن أغلب الحاضرين من فئة الشباب الذي لن يستطيع دفع ثمن تذكرة عالية، وإذا استطاع تنظيم حفلة لن يستطيع تنظيم الاخرى، والمكان الوحيد الذي يسعى لتقديم فن راقي وبأقل الأسعار هو دار الاوبرا المصرية ولكنهم أيضاً يحتاجون لدعم كبير من وزارة الثقافة حتى يستطيعون دفع أجور الفنانين ومواجهة أموال الخليج.
وتسعى دول الخليج الان للدخول إلى عالم الدراما بإنتاجات ضخمة لمنافسة الدراما المصرية والسورية، حيث بدأت المشاركة في سباق الدراما الرمضانية ولكن لم تستطع حتى الان السيطرة فالدراما المصرية والسورية هما الانجح على مر السنين .
فإذا كانت الخليج قادرة على جذب المبدعين فهل تستطيع جذب الجمهور المصري؟ فمن المعروف أن الجمهور المصري هو الأكثر متابعة بين فئات الجمهور العربي ووحده قادراً على رفع فناناً إلى السماء أو إنزاله إلى الأرض.. وإذا كانت الخليج تجذب المبدعين فهل كانت قادرة على صناعتهم؟