طارق الشناوي يكتب: أجنحة وأشواك وأنياب!
بعض البشر من الممكن أن يصبح “قنفذًا” تنبت له أشواك تمنع الآخرين من الاقتراب، “القنفذ” حيوان كسول كما يبدو من الخارج، البعض كذلك قد يضعون دائمًا حائلًا بينهم وبين الناس كأنها أسلاك شائكة، يرفعون لافتة مكتوبًا عليها ممنوع الاقتراب، إلا أن هذا لا يعنى أنهم بالفعل يرفضون الآخر، ولكنهم ينتظرون حالة من التوافق فى فهم اللغة المشتركة، وبعدها يحددون الموقف.
“القنفذ” يدافع عن نفسه بتلك الأشواك، ولكن الإنسان يستطيع أن يحيل أشواكه إلى أجنحة تطير وتضم وتدفئ وتحميه أيضًا، كما أنه من الممكن فى موقف آخر تنبت له أنياب يغرسها فى جسد من يقترب للفتك به (يتغدى به قبل أن يصبح هو وجبة العشاء للخصم)!!.
الخطر من الممكن أن تواجهه بأجنحة تطير بعيدًا كلما لاح فى الأفق احتمال بالعدوان، حتى لو اعتبرناه هروبًا بعيدًا عن المواجهة، فلاشك أنه سلاح مشروع للحفاظ على الحياة.
البعض لا يكتفى بالأشواك التى تشبه أسلحة الدفاع الجوى، فهى لا تبادر أبدًا بالهجوم، بل فقط تمنع طائرات العدو من الاقتراب، وتهدد بأن تحرق من يتجاوز المسافة الآمنة المسموح بها، وبالمناسبة سلاح الدفاع الجوي هو الذى حمى الأراضى المصرية بعد هزيمة 67، حيث كانت سماؤنا مفتوحة أمام العدو الإسرائيلى بعد أن تم تدمير السلاح الجوى المصرى قبل أن يشتبك فى المعركة، أبطالنا فى الدفاع الجوى وبسرعة تمكنوا من توفير الحماية السريعة لسماء الوطن، وتبقى المرحلة الثالثة وهى الأنياب التى تنتقل من الدفاع إلى الهجوم، وهو ما حدث فى أكتوبر 73، عندما عبرت قواتنا للضفة الشرقية وكبدت العدو خسائر فادحة واستردت الأرض المغتصبة، فما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة.
الأجنحة والأشواك والأنياب درجات متتالية فى وسائل الدفاع، ولو حسبتها فى حياتنا الاجتماعية ستكتشف أننا جميعًا مررنا بالمراحل الثلاث، البعض من الممكن ألا يبدأ بالطيران بعيدًا وقد يشتبك مباشرة شاهرًا أنيابه، إلا أن هذا لا ينفى أن الأغلبية تمر عادة بالمراحل الثلاث، مثلًا المرأة التى قتلت زوجها بسبب كثرة اعتدائه عليها، من الممكن أنها حاولت الطيران بعيدًا، فلم تتمكن لأن القانون والعُرف الاجتماعى لا يمنحانها هذا الحق.
أو لأنها ستخسر كل شىء لو قررت الابتعاد أو طلبت (الخُلع)، وغالبًا لجأت للخطة (رقم 2) وهى إشهار الأشواك التى تحول دون الاقتراب، البعض يعتبر أن الأشواك دليل ضعف وليس قوة، لأنها لا تهاجم وتنتظر المبادرة من الآخر لتشتبك، إلا أنها بمثابة إنذار مباشر لمن يعتقد أن من حقه العدوان، فهى تدميه، كل ذلك أحيانًا لا يكفى، ولهذا ستجدها وبضمير مستريح لجأت للخطة رقم 3 ونبتت لها أنياب قادرة على الفتك بالعدو الذى يحمل لقب زوج.
الضعفاء لديهم أيضًا وسائل دفاع وأسلحة هجوم، وهو ما أشار إليه قبل نحو 60 عامًا ألفريد هيتشكوك فى فيلمه (الطيور)، هذه الكائنات المسالمة فى الجزيرة كانت فقط تريد العيش فى سلام مع البشر، ولكنهم أفسدوا الحياة ولوثوا الهواء وببنادق الصيد وجهوا للطيور طلقاتهم النارية، فقررت الطيور أن تحيل منقارها إلى سلاح فتاك بدلًا من أن يلتقط الحبوب فهو ينقر رؤوسهم ويدميها حتى الموت. العنف هو الذى دفع الطيور المسالمة للدفاع عن نفسها، ولم تعد تستخدم الأجنحة فى الطيران بعيدًا عن الجزيرة، ولكن للسيطرة على الجزيرة!!.
[email protected]
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).