"ياطير الطاير" خيب آمال" منتظريه.. فيلم يجسد حياة "عساف" يلعب على وتيرة شهرته والجودة "صفر"
في شوارع غاصت فيها الآلام وكثرت فيها الأحلام ، آملين بعودة الديار ، في أرض العزة غزة التي يخرج من رحمها أبطال يصارعون الموت أحياء انطلق صوت جبلي يهز القلوب ويحرك الوجدان ويدب الأمل في النفوس ليصارع كل الظروف ويحارب القمع والحصار والإحتلال لتحقيق حلمه ويسمع صوته الملايين.
انطلق ليكون فخراً لكل العرب فهو محبوب العرب "محمد عساف" الذي بتحقيق حلمه ووصوله للعالمية استطاع بث شعاع الأمل لكل الفلسطينين للتمسك بأحلامهم والسعي لتحقيقها.
ومع نجومية عساف وشهرته الواسعة في وقت قصير قررت إدارة MBC إنتاج فيلم مستوحى من قصة حياته وهو "ياطير الطاير".
فهل بالفعل كان هذا الوقت المناسب لإنتاج فيلم يجسد حياة عساف؟، وهل استطاع الفيلم تحقيق هدفه المنشود وهو بث روح الأمل في الفلسطينيين للتمسك بأحلامهم؟، هل استطاع الفيلم بالفعل تجسيد معاناة أهل غزة الذين يقبعون تحت الحصار؟، وهل هذه هي الصورة التي كان يأمل عساف أن تظهر بها حياته ومعاناته وسعيه وراء حلمه؟ هل وافق على ذلك أم كان مغلوباً على أمره؟
أخطاء بالجملة
- وقع صناع الفيلم، في أخطاء كارثية يستطيع الطفل الصغير تمييزها وملاحظتها مثل مشاركة عساف في برنامج نجم فلسطين وهو في العشرينات من عمره، حيث يظهر بالفيلم وهو يشارك في البرنامج عبر سكايب لأنه لا يستطيع الخروج من غزة، وبسبب انقطاع الكهرباء يستخدم مولد كهربائي الذي ينفجر أثناء غناؤه على الهواء، والحقيقة هي أن عساف شارك بالفعل في برنامج نجم فلسطين وهو بعمر 15 عام وفاز به وفي العام التالي اشترك وحصل على المركز الثاني ، أما البرنامج الذي شارك به عبر سكايب فهو نيو ستار.
- في أحد مشاهد الفيلم يظهر البطل وهو يتصفح الجرائد والمواقع والتقارير التي تُكتب عنه أثناء مشاركته في البرنامج، ليأتي خبر وعليه صورة لعساف المفترض أنها بعد فوزه باللقب في حفل استقباله بفلسطين، فكيف لمخرج فاز بالجولدن جلوب ورُشح للأوسكار أن يرتكب مثل هذا الخطأ ويعرض صورة قبل أوانها.
- عند مشاركة عساف بتجارب الأداء بمصر كانت التذكرة التي يعلقها على صدره مكتوب عليها مصر وليس فلسطين مثلما ظهر بالفيلم.
- في الفيلم نجد أن عساف يحاول الحصول على تأشيرة لدخول مصر ويحصل على تأشيرة مزورة، ولكن في الحقيقة فإن معبر رفح لا يتعامل بنظام التأشيرات فالسفر يكون بالحصول على تصريح أمني وتدوين اسمك وانتظار دورك في السفر.
- يظهر بالفيلم أن عائلة عساف كانت تتابعه من غزة دائماً وحتى نهاية البرنامج ، على الرغم من أنهم حضروا في الحلقات النهائية في لبنان .
- على الرغم من الدعاية الكبيرة التي قامت بها MBC للترويج للفيلم إلا أنه لم يفز بأي جائزة في أي من المهرجانات التي شارك بها، والجائزة الوحيدة التي فاز بها هي جائزة الجمهور بمهرجان دبي السينمائي الدولي وذلك نظراً لنجومية عساف وجمهوره الذي يسانده وليس لنجاح الفيلم.
* القصة
- بدى أسلوب الكتابة والحوار ركيك للغاية، فمن المفترض أنه فيلم يحكي عن معاناة شاب فلسطيني من غزة يحاول الوصول للنجاح، يحارب من أجل حلمه، فكيف لشاب تربى في مثل هذه الظروف الصعبة أن يظهر ضعيف الشخصية والإرادة ودائماً ما تحركه فتاة، في صغره كانت شقيقته هي من تدعمه، تحارب من أجل إيصال رسالتهم الموسيقية وصوت شقيقها للعالم، وعندما أصبح شاباً وماتت شقيقته جاء دور حبيبته، حيث يظهر بالفيلم أنه قرر العودة للغناء من أجلها، وكأنه تخلى عن حلمه وعاد له فقط من أجل إسعادها.
- يُظهر الفيلم شخصية عساف خائف ومهزوز بالبرنامج، نعم لا نستطيع أن نخفى أن الموقف مهيب بالنسبة لشاب في أوائل العشرينات تربى وعاش تحت الحصار لم يكن يحلم بكل هذه الشهرة والنجومية في وقت قصير ومرة واحدة ، فلحظات الخوف طبيعية وإنسانية ولكن ليس بالطريقة المبتذلة التي ظهرت بالفيلم.
- نهاية الفيلم كان من المفترض أن تكون على مسرح دار الأوبرا المصرية بالقاهرة ، وليس بفوزه بلقب محبوب العرب فقط ، لأن حلمه الأساسي كان الغناء بالأوبرا، حيث كان يحلم هو وشقيقته طوال الوقت بالغناء في القاهرة، وكانت تدعمه وتشجعه وتعطي له الأمل أنه يستطيع تحقيق حلمه في يوم ما، إذا ففوزه بالبرنامج ليس الحلم الأكبر وإنما النهاية المنطقية هي تحقيق حلمه الذي سعى له منذ الطفولة وهو وقوفه على خشبة مسرح دار الأوبرا التي وقف عليها عمالقة الغناء العربي .
*فريق عمل الفيلم
- جاء اختيار فريق العمل غير منطقياً بداية من بطل الفيلم توفيق برهوم، كيف لفيلم يتحدث عن ابن غزة ومعاناته ويجسدها شاب من عرب 48 أي فلسطين المحتلة "إسرائيل"، هذا ليس هجوماً على أهالي 48 ولكن معروف عن برهوم مصادقته لقوات الاحتلال، وقد ظهر في أحد الصور وهو يحتضن شمعون بيريز رئيس إسرائيل السابق، كما أنه شارك في فيلم إسرائيلي بعنوات "عرب راقصون".
وهنا السؤال كيف لشاب تربى وقبع في أحضان العدوان يجسد معاناة شاب من أهالي غزة القابعين تحت الحصار.
- أما عن باقي الفنانين فكان الأداء ضعيفاً للغاية كما أنهم قاموا بتهميش أدوارهم حيث كان التركيز على عساف فقط.
* تهميش الاحتلال
- كيف لفيلم يتحدث عن معاناة الفلسطينيين وأحلامهم رغم الحصار ولا بأتي مشهد واحد يظهر فيه قسوة الاحتلال وقبحه، الفيلم يصور فقط البيوت المهدمة من أثر القصف وقسوة حماس واضطهادها للغناء ممثلة في صديقه عمر حيث اضطر عساف للكذب على ضابط المعبر بأنه ذاهب لتلاوة القرأن وليس للغناء ، كان الأولى على المخرج والكاتب تصوير المعاناة الحقيقية التي خرج من رحمها صوت أبهر العالم بأكمله وهز قلوب الجميع واستطاع أن يكون فخر للعرب وليس فلسطين فقط .
* غزة والشهرة
- غزة العزة والكرامة التي تحتضن أبنائها أحياءً وأمواتاً وتغدق عليهم من حبها على الرغم من الحصار وتضييق الخناق عليها إلا أن وقفة أمام شاطئ البحر بغزة مع رحيق هواؤها كافية لإنعاش الصدور ودب الامل في النفوس.
غزة التي كانت لها الفضل الاول في شهرة عساف حيث كان يغني بالافراح والحفلات قبل خروجه للمشاركة بالبرنامج ، ولا يستطع أحد أن ينكر فضل غزة في الفوز باللقب ، فمع موهبته النادرة وصوته الجبلي الأصيل وإنطلاق الألقاب عليه مثل عندليب فلسطين والصاروخ إلا أن لقب "ابن غزة" ظل هو الاقوى والأهم ، فعواطف الجميع اتجهت إليه ليس لأنه ابن فلسطين فقط فهناك العديد من الفنانين الفلسطنينن الناجحين والمعروفين وهناك من شارك ببرامج مسابقات من أبناء الضفة الغربية ، ولكن لأنه ابن غزة ابن المخيم القابعين تحت الحصار .
فكيف للفيلم أن يهمش دور غزة في فوز عساف وتحقيق حلمه وهي ولية النعم والسبب في شهرته .
*استغلال اسم عساف
نأتي للنقطة الأهم وهو أن الفيلم يستغل اسم محمد عساف والنجومية التي حصل عليها ، وإيرادات الفيلم كلها جاءت عن طريق جمهور عساف وليس لجودة الفيلم ، حتى الجائزة التي حصل عليها فهي جائزة الجمهور في مهرجان دبي السينمائي .
من المعروف أن عساف كان متردد في البداية قبل عمل الفيلم لأنه يرى أنه مازال صغيراً في السن ورصيده الفني ليس بكبير ليكون هناك فيلم يجسد حياته هل هذا يعني أنه يتم إستدراجه لعمل دعاية وإستغلال حلمه وسنه الصغير .
هذه المنطقة تجعلنا نتحدث عن أن عساف لم يقم بعمل غنائي يستحق الخلود بعد فوزه باللقب مثل "علي الكوفية" فعساف كان يركز على الكلمات والالحان الجيدة التي تعلق في الأذهان على الرغم من ضعف الإمكانيات ، ولكن الأن تتوفر الإمكانيات ولكن دون عمل جيد يستحق الخلود .
فالفيلم يلعب على العواطف ويستغلها ، عواطف الجمهور تجاه القضية الفلسطينية ولكنه لم ينجح في إبرازها بشكل صحيح بل جاءت ضعيفة ومبتذلة .