غسان مسعود: الأمم ترسم خرائطها بدماء السوريين ومناهضة الفكر الحالي "سينما مقاومة" ..(حوار)

الفجر الفني

غسان مسعود
غسان مسعود


يجب أن أظهر عندما يكون هناك داع للظهور وأقول عندما يكون هناك مايستحق القول

أبحث عن طريق إلى الله، والصوفية هي انتصار لحالة العشق الإلهي

أنا مدين لمصر بتكريمين، وعدم تلبيتي لندائها شئ غير لائق مني

ينبغي علينا مناهضة الفكر القاسي الذي غذى الامة ب "سينما المقاومة"

مايحدث في "كاتبة على الثلج" هو واقع يعيشه العالم العربي بأكمله

من يهاجمني ماذا قدم للإسلام اأنا قدمت للإسلام صلاح الدين وأصدر الصورة الحقيقية للعرب عند الغرب


فنان سوري عالمي، زاهد في الحياة، مُتبحر في الفلسفة الصوفية وقارئ جيد للتاريخ، شاعر يرى أن الصوفية هي انتصار للعشق الإلهي، يميل للعزلة والإختفاء رُغم كونه فنان عالمي إلا أنه لا يبني علاقات.

عًمل أستاذًا لعشر سنوات بمعهد الفنون المسرحية بسوريا، ممثل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني، لايخشى أحد في اختيار أدواره، قدم أدوارًا هامة في السينما والتلفزيون جعلته محط الأنظار مثل صلاح الدين الأيوبي في الفيلم العالمي "مملكة السماء" والخليفة "أبو بكر الصديق" في مسلسل "عمر".

وصل للعالمية ويرى أنه يخدم الإسلام بتقديم الصورة الحقيقية عن العرب، هاجمه الإسلاميون بشدة بسبب أدواره ولكنه لم يأبه لأحد.

إنه الفنان السوري العالمي "غسان مسعود" والذي إلتقى به "الفجر الفني" وكان هذا نص الحوار:


يتهمك الكثير بالغرور بسبب ابتعادك عن وسائل الإعلام وعدم حضورك للمهرجانات فما ردك ؟

إذا لم يكن هناك جديد فما الداعي لظهوري، فأنا لا تعنيني الشهرة لامن قريب ولا من بعيد، قد يكون تفسيري خطأ، ولكن هذه هي شخصيتي فأنا أميل للعزلة والإختفاء، ولا أخرج للأوساط الفنية والإجتماعية، ولا أبني أي علاقات، وأعلم أن هذا يتعارض مع طبيعتي كفنان ولكن ماذا أفعل هذه تركيبة شخصيتي.

فلقد قضيت فترة من عام 2005 ل 2010 حضرت الكثير من المهرجانات، وتحدثت مع وسائل الإعلام بطريقة مكثفة، وبعدها سألت نفسي ماذا فعلت ؟ فكلمة الشهرة كلمة بها فخر للفنان العربيولكن إذا كان لديك جديد لتقدمه، لابد أن تحترم الميديا والصحافة، احترامك لهم يجعلك حذرًا تجاههم، فهناك خصوصيات لايجب تصدير الميديا فيها، وهناك أشياء سخيفة لا يجب تصديرهم فيها لأن هذا يقلل من احترامهم، في النهاية يجب علي كفنان أن أظهر عندما يكون هناك داع للظهور وأقول عندما يكون هناك مايستحق القول.

ما هو سبب تأخرك عن حضور مهرجان الإسكندرية السينمائي ؟

لا يوجد سبب للتأخير، وإنما أنا لا أحبذ حفلات الافتتاح ومايحدث بها، قد تكون إغراء لبعض الفنانين للظهور على السجادة الحمراء والتقاط الصور والتحدث للميديا ولكنها لاتستهويني، لذا طلبت من الأمير أباظة إعفائي من حفل الافتتاح.

لماذا انت قليل الظهور بمصر ؟

هذا كلام غير صحيح، بدليل أنه عند دعوتي لمهرجان الإسكندرية لبيت النداء على الفور، فمصر لها علينا جميعًا، وعلى الرغم من توقفي عن حضور المهرجانات منذ سنتين إلا أنه عند دعوتي للإسكندرية لبيت على الفور فعدم تلبية نداء مصر سيكون غير لائقًا مني، فمصر أعطتني تكريمًا عام 2009 بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والإسكندرية كرمني هذا العام، فعندما تكرمني مصر مرتين هذا شئ يطوق عنقي ويجعلني مدينًا لمصر.

ما الذي يُغريك في حياة الزهد والاعتزال؟

أنا مشغول بالفلسفة الصوفية كلها هذه الأيام، فأنا أميل إلى حياة الزهد والاعتزال، ومعروف عني أنني شخص غير اجتماعي وهذه طبيعة شخصيتي، كما أنني مشغول نفسيًا بمولانا شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي.

ومالمثير في شخصية الإمام الروحي التبريزي يجعلك تنشغل بتفسيرها ؟

هناك جملة يقولها مولانا جلال الدين الرومي وهي الطرق إلى الله بعدد أنفاس البشر، يجوز أنني أبحث عن طريق إلى الله، لا أعلم ولا يوجد لدي إجابة نهائية في هذه المسألة، ولكن يكفيني أن الصوفية هي انتصار لحالة العشق الإلهي، فافتقاد الكلام يجعلك تبحث عنه، وأنا أبحث عن السمو ومفهوم القيمة والأوجه النورانية المطلقة في الدين الإسلامي.

مارأيك في شعار المهرجان "السينما والمقاومة" ؟

أنه شعار رائع فنحن بحاجة للإنتفاض، وثقافة المقاومة عن طريق الفن، فالمقاومة ليس عسكرية فقط، ولكن الفن مقاومة والادب مقاومة والثقافة مقاومة، ينبغي علينا أن نقاوم بتأثيرنا في الرأي العام، كيف نعمل على مناهضة هذا الفكر القاسي الذى غذى الأمة، فهي قضية تربوية هامة ولها علاقة بالأجيال، أن تقاوم هذا الفكر بفكر مباشر وهي ثقافة الحياة وهذا يأتي عن طريق السينما والثقافة والأدب، هذه أهمية سينما المقاومة.

بعد نجاح فيلم الوعد لماذا لم تقدم جديدًا بالسينما المصرية ؟

لم أجد مايستهويني في النصوص المعروضة علي لكي أوافق عليها، فإما لاأجد نفسي في الدور أو العمل أو النص فكنت اعتذر، ولكن اشكرهم بشدة لأنه لا يتم نسياني.

لماذا وافقت على فيلم "كتابة على الثلج" مع الفنان عمرو واكد على الرغم من علامات الإستفهام حوله ؟
الفيلم يحكي عن ضرب مخيم وقصف غزة ليل نهار وفي الوقت ذاته يدخل أحد الإسلاميين بيت أحد العلمانيين، هذا الإسلامي يدخل إلى بيت هذا المقاوم الذي حارب الاسرائليين ل40 عاما يتعامل معه هو وعائلته كونه خائنًا، فيرد الأخر أين كنت عندما حاربت الإسرائليين فهو أجاره والاخر يريد أن يجعله خائنًا، فأنا رأيت أن هذه الصورة هو مايحدث اليوم ليس فقط في غزة وفلسطين ولكن في سوريا وليبيا والعراق واليمن في الأمة كلها، ويحدث حتى في مصر، لقد وجدت أن هذا الفيلم نستطيع أن نقدم فيه رسالة مهمًا.

تم الهجوم عليك من قبل الإسلاميين على الرغم من دفاعك عنهم فما ردك ؟

نعم قرأت هذا الهجوم، وأقول من انت لتهاجمني ماذا قدمت للإسلام؟ ومن انت لتعلمني الإسلام؟ فأنا قدمت شخصية صلاح الدين الأيوبي في "مملكة السماء" مع ريدلي سكوت وأبرزت الحقيقة بعد أن كان الغرب يرون أن العرب قطاع طريق، أظهرت شخصية صلاح الدين القائد العربي زعيم الامة الإسلامية الذي يمتاز بالحوار والبناء، فأنا أًصدر الصورة الحقيقية للإسلام، فمن انت لتحكم علي ؟ فأنا قدمت للإسلام فأنت ماذا قدمت ؟

السينما المصرية حاليًا في حالة سيئة ولا مقارنة بينها وبين سينما الستينات

أخشى استبدال الهوية الوطنية السورية بالهوية العرقية والطائفية

الشعب المصري أراد إحياء "أحمد ذكي" في شخص "محمد رمضان"

صلاح الدين الأيوبي وًلد مريضًا ولم يضرب بسيفه ضربةً واحدة

إذا لم أقدم المتنبي سأموت ناقصًا

وما الوسائل التي يجب على الفنانين العرب اتخاذها لتصحيح مفهوم الغرب ؟

هناك صناع قرار وأصحاب رؤؤس أموال وأصحاب دور ثقافية، يستطيعون أن يبنوا مع الفنانين ما يشاؤن عن هذه الامة وينقلون الصورة بوجهها الأمثل فهل هناك من يسمع النداء ؟


ولكن لا يوجد لدينا هذا الإنتاج الضخم لكي ننقل هذه الصورة؟

الفن نتاج لا نستطيع أن نفاصل فلا نستطيع أن ننتج فيلم نخبوي ثقافي بدون مبلغ كبير ونصدره للرأي العام فهو لن يراه لأنه نخبوي قد يراه 4 او 5 مثقفين لكن هؤلاء ليسوا الرأي العام، فالسينما علاقتها مباشرة مع الشارع إذا لن تستطيع الوصول للرأي العام دون الانتاج.

ما رأيك بالسينما المصرية في الوقت الحالي ؟

عندما أقارن سينما مصر بالستينات والسبعينات بالمستوى الحالي فلا مقارنة في الحقيقة إلا بعض الافلام مثل الفيل الازرق فهو فيلم رائع وبه فكرة وذكاء وخيال، وهناك أيضًا قامات فنية رائعة في مصر مثل كريم عبدالعزيز والكوميديان أحمد حلمي ولابد من توجيهها بشكل صحيح، لكن مايحدث الأن مثل ألأفلام الحالية هي عبارة عن راقصة ومطرب يغني بجانبها وبلطجي وهكذا أنتجنا فيلمًا ينجح في شباك التذاكر.

في رأيك ماسبب نجاح الفنان "محمد رمضان" وانتشاره بوقت قصير ؟

محمد رمضان لديه حضور مختلف، ويشبه كثيرًا النجم الراحل أحمد ذكي، وفي رأيي أن الشعب المصري أراد إحياء أحمد ذكي مرة أخرى فربما يكون قريبًا من النسيج الوطني لهم، واستطاع المنتجين معرفة هذه النقطة وإستغلالها بشكل جيد وأحيوا أحمد ذكي في شخص محمد رمضان.

الأفلام السورية المشاركة بالإسكندرية السينمائي من إنتاج مؤسسة السينما، لذا هي تتبنى وجهة نظر واحدة وهي النظام فما تعليقك ؟

نحن نريد جميعًا أن نقدم عملًا يحتوي على وجهتي نظر، مثل مسلسل "حلاوة الروح " الذي شاركت به مع الراحل خالد صالح، فنحن قدمنا وجهتي النظر وبناءً عليه وافقت على المسلسل، فوجهة نظر الدولي واضحة لكن وجهة نظر المعارضة غير واضحة لانه لدينا انقسام في المعارضة ولا توجد أجندة تتبع الأجندة الأخرى، فمن أين تأتي وجهة النظر الموحدة التي تريد أن تظهرها، فنحن نريد مشروع قومي وطني موحد للمعارضة، فالمعارضة لم تستطع أن تنتج ثقافة لمشروعها السياسي. 


من وجهة نظرك الأكاديمية ما الذي تغير في المجتمع السوري بعد الأحداث ؟

للأسف لقد استطاعوا أن يضربوا نسيج المجتمع السوري نسبيًا فكل ما أخشاه هو أنه هناك من يريد تجسيد ل الهوية الوطنية بالهوية الطائفية والعرقية وهذا الخطر الاكبر على سوريا أن يستبدلوا الهوية الوطنية بالطائفية وأتمنى أن لا نصل لهذا المستوى.


كيف وافقت على فيلم "خروج:الألهة والملوك" وهو يتحدث عن النبي "موسى" ؟

ظهور الخلفاء الراشدين كان محرمًا فنمنا وإستقيظنا فوجدنا المرجعيات الدينية تسمح لنا بظهورهم، فماذا لو نمنا وإستيقظنا مرة أخرى ووجدنا المرجعيات تسمح لنا بظهور الانبياء، الغرب لن ينتظروا هذه الفتوى، نحن العرب ننتظر فتوى من شيوخنا ولهم احترامهم ولكن الغرب لن ينتظر.

ومسلسل "عمر" كيف تعاملت مع شخصية الخليفة "أبوبكر الصديق" ؟

لقد رفضت تقديم الشخصية ثلاث مرات، مما جعل المخرج حاتم علي ينعتني بالجبن، فقررت تقديمها، وعندما جلست مع نفسي وجدت أنه يجب ألا أمثل حتى يقتنع الجمهور بالشخصية فكيف سأتوحد مع شخصية مثل أبو بكر الصديق، يجب ألا ألجأ لتقنيات التمثيل.

ما لشخصية التي تود أن تقدمها ؟

"المتنبي" فأنا إن لم أقدم المتنبي في السينما سأموت ناقصًا.

قدمت شخصية "صلاح الدين الأيوبي" وقلت أنه وُلد مريضًا ولم يضرب بسيفه ضربة واحدة، كيف والسينما
أظهرته محاربًا مثل فيلم "الناصر صلاح الدين" ؟

أنا قارئ جيد للتاريخ وخاصةً التاريخ الإسلامي وماقبله أيضًا، ولقد قرأت عن صلاح الدين كثيرًا وكل وجهات النظر المؤيدة له والمعارضة، صلاح الدين كان مريضًا ولكن في زمنه لم يتم تشخيص المرض ولكن أعتقد أنه كان سرطان وأنه مات به، ولكنه كان قائدًا وزعيمًا ويمتلك لغة الحوار والبناء.


هذا يُظهر أن فيلم يوسف شاهين به أخطاء تاريخية فادحة ؟

لن أخوض في هذه المسألة لأنني أعلم جيدًا أنه لم يكن فيلم يوسف شاهين منذ البداية، لقد طًلب منه استكماله بدلًا من عز الدين ذو الفقار لمرضه، كما أن شاهين ليس كاتب النص فهو مخرج رائع ولكن الفيلم تم إنتاجه في حكم جمال عبدالناصر لذا سُمي ب "الناصر صلاح الدين".

ما رأيك فيما يحدث في سوريا في الوقت الحالي ؟

أرى أن الأمم الكبرى ترسم خرائطها بدماء الشعب السوري.