"الكبريت الأحمر".. بين تألق أحمد السعدني ورصانة الشماع

الفجر الفني

بوابة الفجر

بين حين وآخر تنجح أعمال درامية في جذب الجمهور، بسخونة أحداثها وغموض أفكارها، وهناك أعمال أخرى اتخذت من العالم السفلي والجن، سبيلا إلى الاختلاف عن الآخرين، مثل مسلسل "ساحرة الجنوب" للفنانة حورية فرغلي، والكاتبة سماح الحريري، والمخرج أكرم فريد، وهو من الأعمال التي خاضت هذا العالم، وحققت نجاحا كبيرا في الفترة الماضية، ونجد أن مسلسل "الكبريت الأحمر" الذي يذاع حصريا عبر قناة "أون" الفضائية، ويتعرض للفكرة نفسها، بمزيد من الإثارة والعمق في تقديمها، ينال ردود أفعال جيدة من الجمهور، ويحظى بنسبة مشاهدة كبيرة على القناة الناقلة له، وعبر موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب".


لعبت تفاصيل القصة التي كتبها د.عصام الشماع، دورا هاما في ترسيخ أحداث مسلسل "الكبريت الأحمر" لدى الجمهور، الذي يفضل هذا النوع من الغموض في الأعمال الفنية المقدمة له، ليصبح طوال الوقت منتبها لما ستؤول إليه الأحداث، إضافة إلى الأداء التمثيلي الرائع الذي يقوم به أبطال العمل، بداية من الفنان أحمد السعدني، الذي أثبت قدرته على تحمل المسؤولية الكاملة لعمل فني، بدور جديد جمع خلاله بين الضابط الجاد في عمله والإنسان الضعيف أمام النساء، وهو السبب الرئيسي في دمار علاقته بزوجته التي تتحمل عناء الخيانة كل يوم، ويعتبر هذا الدور تحدٍ جديد على "السعدني" هذا العام، بعد تقديمه دورين مختلفين تماما في دراما رمضان، فنجاحه في مسلسل "وعد" واقتحامه عالم الرومانسية، وتفوقه على نفسه في مسلسل "أفراح القبة" وضعاه على أول طريق النجومية والتقدم بلا تراجع.


نعود مرة أخرى إلى مسلسل "الكبريت الأحمر"، فبالرغم من عرض المسلسل خارج السباق الرمضاني هذا العام، إلا أنه حظى باهتمام قطاع كبير من الجمهور، على مدار 10 حلقات تم عرضها حتى الأن، وتضمنت معظم التعليقات إشادة كبيرة بدور الفنان القدير عبدالعزيز مخيون، بدور الشيخ "شمس" الرجل المُبارك، والذي يستعين به الناس لقضاء حوائجهم عن طريق اتصاله بالجن والعالم السفلي، وهو من يملك مفاتيح جميع الألغاز والأحداث الغير المفهومة التي تحدث للشخصيات، وكان الأداء المتميز والمتقن من "مخيون" محل إعجاب كبير من الجمهور، ومن المتوقع أن تكشف الأحداث القادمة أسرار كثيرة حول علاقة "شمس" بالشخصيات المحيطة بالضابط "معتز" الذي يجسده الفنان أحمد السعدني.


ويستعرض المسلسل الاختلاف بين المجتمعين الشعبي والمتمدن في الاعتقاد بسيطرة العالم الآخر على حياة الأشخاص، عن طريق "السحر" الذي تم ذكره في القرآن الكريم، وأصيب به النبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم،  وما زال شريحة كبيرة من الناس لا تؤمن بوجوده، وتعتبره نوعا من الذنوب التي يقترفها البعض الآخر، بسبب اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين كما يُطلق عليهم، وكان اختيار منطقة شعبية تدعى "الحنفية" كمسرح لبعض الأحداث، جديرا بأن يجعلنا نتوغل أكثر في أسرار هذا العالم وكيفية تعامل سكان هذه المناطق معه، إضافة إلى جودة التصوير وتسلسل الأحداث الذي اتسم بالإثارة والسرعة نوعا ما، دون ملل أو سرد تفاصيل غير لازمة للمشاهد، فكل مشهد يحمل سرا أو يكشف آخر في تناغم درامي رائع، وهو ما أبدع فيه سيف يوسف، مخرج العمل.


ويُقال أن "الكبريت الأحمر" هو اسم من أسماء علم "البرهتية"، وهو علم روحاني جبار قوي علمه الله لسيدنا داود وورثه عنه ابنه سليمان عليهما السلام، وله عدة أسماء كـ"الكبريت الأحمر" و"السر المصون"، و"الكنز المخزون"، وقال أرسطو و ابن البيطار، إن "الكبريت الأحمر" يضيء ليلا ويرى ضوئه على بعد فراسخ عدة ما بقى في موضعه، ويذهب آخرون للقول بأن "الكبريت الأحمر" هو معدن يوجد في "وادي النمل" الذي سار فيه سليمان، ورأى أبو بكر الرازي، أن "الكبريت الأحمر" لا يوجد على شكل معدن، وأورد "الجاحظ" في كتابه "رسالة في الجِدّ والهزل" ندرة هذا النوع من الكبريت.


"الكبريت الأحمر" من بطولة أحمد السعدني، داليا مصطفى، ريهام حجاج، هاني عادل، عبد العزيز مخيون، سحر رامي، سميرة مقرون، ابتهال الصريطي، من تأليف د.عصام الشماع، وإخراج سيف يوسف.