طارق الشناوي يكتب: حلا شيحة... الإنسان قبل الفنان دائما!
تلقيت عتابا قاسيا من بعض القراء تستطيع أن تلخصه فى جملة واحدة (حتى انت ماكانش العشم).
قطاع لا بأس به اعتبر أن خلع حجاب حلا شيحة وعودتها للتمثيل هو القضية، وأن المتزمتين دينيا قد دخل مرماهم هدف عزيز المنال، وهم حاليا يملأون النت بصراخ (عودى إلينا ياحلا) ولهذا علينا أن نقيم الأفراح والليالى الملاح، فهم كثيرا ما فعلوها، مع نجاحهم فى تحجيب فنانة أو شخصية عامة، فلماذا تسرقون الفرحة؟.
أكيد أنا سعيد بـ «حلا»، لأن الإنسان بداخلها انتصر، رغم ضراوة المعركة، لا أنكر دور الدعاة فى تحجيب الفنانات بداية من كبيرهم الشيخ الشعراوى الذى لم يكتف فقط بتاء التأنيث، ولكن دخل على الخط مع الفنانين أيضا، وذلك عندما يطلب منهم أن يقدموا أدوارا ملتزمة وإيجابية مثلما حدث مثلا مع حسن يوسف وحسن عابدين، فهذا يعنى أنه لم يدرك معنى الفن ولا وظيفة الممثل، وأن هناك هدفا ورسالة للفنان الذى يقدم دور الشرير، الشعراوى قطع الخط الفاصل بين الشاشة والفنان، وهم كانوا أيضا أمامه مسلوبى الإرادة.
الشعراوى بدأ الخطة واستلم الراية بعده عدد كبير أشهرهم عمرو خالد، حتى وصلنا لآخر العنقود معز مسعود، هؤلاء وغيرهم لعبوا دورا تحفيزيا ولا شك فى تحجيب المجتمع وليس فقط الفنانات، لا أتحدث عن أموال ترصد كما تردد، لكن فى الحد الأدنى قناعات يتم استبدالها بأخرى، مثلما فعل الشعراوى مع شادية، حتى إنه عام 96، عندما قرر سعد الدين وهبة تكريمها فى مهرجان القاهرة السينمائى، عن مشوارها قبل الحجاب، وحصل على موافقتها، إلا أنها عادت بعدها وأغلقت التليفونات، فقرر سعد وهبة أن يوجه لها نداء على الهواء من أشهر البرامج وقتها (صباح الخير يا مصر) وأيضا لم تستجب لأن الشعراوى قال لها لا.
علينا مواجهة فكر مسيطر، وعندما نختصر الموقف حلا خلعت الحجاب من أجل التمثيل، نحيل القضية إلى ممثلة تبحث عن ضوء أو فلوس، وهو ما يتعارض مع الهدف الأسمى، كانوا يريدون باستخدام حجاب حلا أن تصل الرسالة للناس، فنانة شهيرة فى الـ27 من عمرها تترك بهجة الدنيا الزائفة، فعليك أن تفعلى مثلها وتقيمى فريضة الحجاب، لتنتظرك الجنة.
الآن بعد 12 عاما صارت حلا نموذجا لمن ترفض الخضوع لسارقى العقول، من المهم أن يمتلك الإنسان الحرية فى اتخاذ قراراته الشخصية.
الأمر ليس اختيارا لمن هو الأفضل لى ماديا ولا حتى أدبيا؟ ولكن القناعة الشخصية هى التى تحدد الموقف، لدينا مضيفات وطبيبات ومهندسات وصحفيات وغيرهن محجبات، هناك من اقنعهن أن الحجاب فريضة، ولا يمكن تجاهل السطوة الاجتماعية، الإنسان بطبيعة تكوينه لا يخاصم فى العادة رأى الأغلبية، ارتداء الحجاب فى جزء لا يستهان به يحمل استجابة لرأى الجماعة، ويبقى خلع الحجاب يجب أن يتكئ على فكر الإنسان، فليست كل المهن تتطلب ذلك، حتى التمثيل لدينا نموذج عبلة كامل تحجبت خلف الكاميرا وأمامها، وربما لم يلاحظ كُثر ذلك، لأن طبيعة أدوارها تجعل ارتداءها غطاء للرأس لا يسرق عين المشاهد. الإنسان المتحرر من الأفكار المسمومة هو الذى نراهن عليه، أتحدث عن قناعة حلا وليس عن عودتها للتمثيل، نعم سوف تعرض عليها أدوارا، بل كان الكاتب والمنتج محمد حفظى قبل أكثر من عام يفكر فى تقديم جزء ثان من أهم أفلام حلا (السلم والثعبان) إخراج طارق العريان، وشاركها البطولة هانى سلامة وأحمد حلمى، والسؤال الذى سيحمله الفيلم بعد مرور 16 عاما ماذا حدث للحبيبين؟ وبالطيع فلن تجد خيرا من الاستعانة بنفس الأبطال، ولكن هل لا تزال حلا تتمتع بلياقة إبداعية، 12 عاما ليس بالزمن الهين فن التمثيل تتغير قواعده، كما أن العيون التى ستترصد لها ربما تأخذ شيئا من حريتها أمام الكاميرا.
من المهم أن تعلن حلا أنها قررت خلع الحجاب كإنسان أولا، بينما الحنين للتمثيل والأضواء حكاية أخرى فلا تخلطوا الأوراق.