سارة رياض لـ"الفجر الفني": "أرى نفسي في "بودي" بطل فيلم "فرعون السومو" (حوار)
ليس بالأمر السهل أن يأتي المرء من أكثر من خلفية ثقافية، خصوصًا لو كان ما يفارقهما أكثر مما يجمعهما، وهذا هو حال المخرجة الشابة سارة رياض، من أب مصري وأم يابانية، والتي بذلت قصارى جهدها في التقريب بين الثقافتين اليابانية والمصرية في فيلمها الوثائقي الأول "بودي..فرعون السومو".
رأت سارة في عبدالرحمن شعلان، أول بطل سومو
مصري وعربي وأفريقي، مرآة لها، وسبيل لتقريب ثقافتين طالما اختلفتا، لكنه أصر على جمعهما،
كما فعلت هي، فركزت سارة في فيلمها على رحلته لدخول عالم السومو، والصعوبات التي واجهته
لاختراق هذه الرياضة وهذا البلد البعيد وهذه الثقافة المغايرة.
"الفجر الفني" حاور المخرجة الشابة
للحديث عن كواليس الفيلم، ومشاركته في الدورة ال٢٢ من المهرجان القومي للسينما، ومشروعاتها
المقبلة، وإلى نص الحوار.
في البداية، عرفينا بنفسك؟
أنا سارة رياض، ٢٧ سنة، دخلت جامعتين في
مصر واليابان وفي كلتاهما درست إعلام، ولكني لم أكمل الدراسة في أي منهما، وبعد ذلك
قررت التركيز على السينما وصناعة أفلام قصيرة.
لماذا لم تفكري في دراسة السينما؟
كنت أرغب في دراسة السينما بالفعل، وفي
اليابان قدمت في الجامعة في قسمي الإعلام والسينما، ولكني لم أُقبل بقسم السينما، وبعد
قدومي لمصر بحثت عن أماكن لدراسة السينما ثم أخذت الأمر تحدي وبدأت في تعلم السينما
بنفسي، وانطلقت في صناعة الأفلام.
هل سبق فيلم "بودي" أية تجارب
أخرى؟
"بودي..فرعون السومو" هو أول
فيلم وثائقي طويل لي، وسبقه فيلمين قصيرين، الأول "الفيلم ده حرام" وطرحته
عبر موقع الفيديوهات "يوتيوب" وحقق أكثر من مليون مشاهدة وعُرض في أكثر من
برنامج عبر التلفزيون، والثاني "soulless - بلا روح"،
والذي شارك في المهرجان القومي للشباب في أمريكا، وكلاهما مدته ٦ دقائق.
كيف جاءتك فكرة فيلم "بودي"؟
لم أكن من محبي رياضة "السومو"،
وكانت والدتي تعرض علي طوال الوقت حضور مباريات سومو وكنت دائمًا ما أرفض، حتى أخبرتني
أن هناك لاعب سومو مصري، وهو ما استغربته كثيرًا، خصوصًا مع سخرية المصريين من اللعبة
وملابس اللاعبين وأجسامهم طوال الوقت كما أنه لاعب مصري وليس له أصول يابانية، وهو
ما أعجبني، فتواصلت معه وعرضت عليه عمل فيلم عنه، وكنت وقتها أفكر في فيلم قصير أو
تقرير لا تتجاوز مدته ربع ساعة، وبعد مقابلته أبهرني طموحه وإصراره واختلافه وجراءته،
ثم دعاني لحضور التدريب، وبعد مشاهدته عرفت مدى الصعوبات والتحديات التي يواجهها لاعبو
السومو، ومن هنا قررت أن أقدم فيلم وثائقي طويل يستعرض كل ذلك.
متى بدأتي العمل على الفيلم؟ وكم استغرق
تحضيره؟
حضرت كثيرًا وقرأت ما كُتب عن عبدالرحمن
وطالبته بإرسال صور من مراحل مختلفة في حياته، وبحثت عن رياضة السومو وكل ما يتعلق
بها، ولكن كان الكثير من الفيلم مرتجلًا، واستغرق الفيلم ٣ سنوات غير متواصلة، حيث
جاءتني الفكرة في أكتوبر ٢٠١٣، وخلال شهرين بدأت التحضير للفيلم وتطوير الفكرة، ثم
بدأت التصوير في ديسمبر ٢٠١٣، وانتهت عمليات المونتاج وتجهيز الفيلم في مايو ٢٠١٦.
كم بلغت ميزانية الفيلم؟
ميزانية الفيلم مقارنة بأي فيلم طويل قليلة
للغاية، إذ لم تتجاوز ٥ آلاف دولار، وجميع العاملين في الفيلم كانوا متطوعين، وموزع
الفيلم mad solutions.
والدك مصري ووالدتك يابانية، حدثينا عن جمعك لثقافتين مختلفتين وتأثير ذلك عليكِ؟
أغلب المحيطين بي يعتقدون أن جمعي لثقافتين
أمر جميل ومميز، ولكني أعتقد أنه في أغلب الوقت أمر صعب ومرهق، وتسبب في أزمة هوية،
خصوصًا مع بعد الثقافتين عن بعضهما، ولكني أعتبر نفسي بنسبة ٨٠٪ مصرية و٢٠٪
يابانية، خاصة وأني نشأت في مصر ولكن ذلك لا يمنع
تأثري بالثقافة اليابانية بحكم علاقتي بوالدتي.
هل كان لهويتك المختلطة تأثير في اختيارك
لموضوع فيلم "بودي" رغبة في تقريب هاتين الثقافتين؟
أرى نفسي في الفيلم، تجمعني العديد من التشابهات
مع "بودي" بطل الفيلم، كلانا ترك الجامعة ولم يكمل دراسته، وكلانا فكر في
مجال خارج الصندوق وقرر التمسك به وتحدي المحيطين بيه، فوالدي رفض عملي في السينما
في البداية ولكني قررت مواصلة حلمي كما فعل بودي، إلى جانب صعوبة التوفيق بين الثقافتين
اليابانية والمصرية، قصته كانت مرآة بالنسبة لي، وتعبر عني بشكل كبير.
هل واجهتي صعوبة في إقناع "بودي"
بالفيلم؟
على الإطلاق، فقد كان مرحبًا بالأمر، ولكن
أصعب ما واجهني في الفيلم هو أني كنت فيه بمفردي، لمدة ٣ سنوات والتي كانت عبارة عن
ضغط نفسي، خاصةً مع رفض "بودي" التصوير في أيام معينة حتى لا يغضب مدربه،
وهو ما كان يضغطني كثيرًا، ولكنه كان متعاون أغلب الوقت فيما يستطيع تقديمه.
هل كان لعائلة "بودي" أي تحفظات
على التصوير؟
بالعكس، كانوا مرحبين للغاية، فهم فخورون
بابنهم ومبسوطون بإنجازه، وخصوصًا والدته التي فتحت قلبها للحديث عن ابنها.
صورتِ الفيلم في ٣ أماكن (القاهرة، والمنصورة،
واليابان)، أيهم كان الأصعب ولماذا؟
كان التصوير في المنصورة سهلًا للغاية،
وفي القاهرة أيضًا ولكني لم أتمكن من تصوير بعض الأشياء في نادي اتحاد الشرطة وجامعة
الأزهر نظرًا لتشديد الأمن، ولكن التصوير في اليابان كان الأصعب خصوصًا في النادي الذي
يلعب فيه "بودي".
هل شاهد "بودي" وعائلته الفيلم؟
وكيف جاءت ردود أفعالهم تجاهه؟
لم يشاهد "بودي" الفيلم حتى الآن،
بينما شاهد والداه الفيلم أثناء عرضه في سينما الهناجر ضمن عروض الدورة الثانية والعشرين
من المهرجان القومي للسينما، وأعربا عن سعادتهما بالفيلم، وأكدا أنه أحلى فيلم شاهداه
عن ابنهما.
ما أبرز التعليقات التي تلقيتها عن الفيلم
بعد عرضه؟
كانت ردود الفعل غير متوقعة بالنسبة لي،
خاصةً وأن الفيلم وثائقي ومعروف أن جمهور هذه الأفلام محدود، ومع أنه قصته بعيدة عن
المصريين، إلا أنهم أعجبوا به، وأكثر التعليقات كانت إيجابية وتحدثت عن أن الفيلم غير
ممل، ويعطي طاقة إيجابية وأمل، إلى جانب إعجاب الجمهور بشخصية "بودي"، وقالت
لي إحدى المشاهدات إن بودي بطل مشرف لمصر وأنا بطلة أيضًا لإخراجي هذا الفيلم.
ما أبرز المهرجانات التي شارك فيها الفيلم
والجوائز التي حصدها؟
شارك الفيلم في العديد من المهرجانات العالمية،
وكان عرضه الأول في مهرجان كوبنهاجن السنوي، وحصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي، كما
عُرض في مهرجان شرم الشيخ، ومهرجان وهران، ومهرجان الأيام المستقلة في ألمانيا، والعديد
من المهرجانات منها في بولندا والبرتغال وسويسرا.
هل تفكرين في استثمار الفكرة وتقديم فيلم
روائي طويل خاصة وأنه الفيلم بيه ثيمة البطل وهو نوع ناجح من الأفلام؟
لا أظن أني سأقدمه بشكل روائي، فأنا مكتفية
بالفيلم الوثائقي.
أعمالك الأولى انحصرت بين الأفلام الوثائقية
والقصيرة، هل تفكرين في الاتجاه لصناعة الأفلام الروائية الطويلة؟
أكثر ما أحبه في السينما هو الأفلام الروائية
الطويلة، وعمل فيلم روائي طويل هو حلمي منذ دخلت عالم السينما، وكانت صدفة أن الفيلم
الأول لي كان وثائقي، ولكن أكثر ما أحب تقديمه هو الأفلام الروائية، وأنا حاليًا أعكف
على كتابة سيناريو لفيلم روائي طويل، وهناك أكثر مشروع أفكر فيه، ومازالت في رحلة بحثي
عن شركة إنتاج لأن الإنتاج بنفسي كما حدث في فيلم "بودي" كان مجهدًا، وأنا
أرغب في التركيز أكثر على الإخراج.
ما الأفكار التي تودين طرحها في أفلامك
المقبلة؟ وهل ستركزين أكثر على قضايا الهوية؟
ليس بالضروري أن أركز في أعمالي المقبلة
على مسألة الهوية والجمع بين ثقافتين، ففي التجربتين القصيرتين التي قدمتهما كانتا
بعيدتين عن اختلاف الثقافة، وأنا أفضل تناول القضايا المجتمعية، والحالات الإنسانية،
وقضايا المرأة خصوصًا في مصر والعالم العربي، وليس لدي حدود معينة أو محصورة في نطاق
بعينه، ويمكنني تقديم أي فكرة تتناسب مع مبادئي طالما أعجبتني.
هل أنتِ مع فكرة إعادة تقديم أفلام سبق
عرضها؟ وهل لديك حلم معين خاص في هذا السباق؟
أنا مع الفكرة بالتأكيد، وليس لدي فيلم
بعينه حاليًا لكن الفكرة مقبولة، وهناك العديد من الأفلام التي تستحق إعادة تقديمها
مجددًا.
هل تفضلين كتابة سيناريوهات أعمالك بنفسك أم التعاون مع كتاب محترفين؟
أحب كتابة السيناريو بنفسي، وسبق وكتبت
سيناريوهين الفيلمين القصيرين "الفيلم ده حرام"، و"soulless
- بلا روح"، ولكني لا أمانع التعاون مع كتاب سيناريو، ولكن تفضيلي أكثر للكتابة
بنفسي.
من المخرج المفضل بالنسبة لك داخل مصر وخارجها؟
ومن النجوم الذين تودين العمل معهم؟
أحب المخرجة كاملة أبو ذكري، وأحرص على
متابعة جديد أعمالها، وأتمنى التدريب معها، كما أفضل من المخرجين العالمين دارين أرنوفسكي،
وكريستوفر نولان، وغيرهم الكثيرين، أحب مشاهدة أعمالهم والقراءة عنهم، أما عن النجوم
الذين أود العمل معهم فهم كُثر، ومنهم أحمد الفيشاوي ومحمد ممدوح ونيللي كريم والأردنية
ركين سعد.
هل ترين تمييز موجه ضد المرأة في عالم صناعة
الأفلام؟
لا أشعر بأي تمييز تجاه عمل المرأة في الإخراج،
والجميع في اللوكيشن يمتثلون لأوامر المخرج سواء كان رجل أو امرأة، على عكس التصوير،
فقد سمعت من عدد من زميلاتي أن هناك تمييز ضدهن، ويرون أنهن مضطهدات، ولا توجد مديرات
تصوير سوى نانسي عبدالفتاح، وبخلاف ذلك فالمجال قاصر على الرجال.
ما هي مشروعاتك المقبلة؟
لدي فكرتين أعمل على تطويرهما، ومنذ عام
بدأت العمل على فيلم وثائقي، ونظرًا لعدة مشكلات تعرضت لها خلاله قررت عدم استكماله،
والتركيز أكثر على كتابة سيناريوهات للفكرتين.