نديم حُبيقة لـ"الفجر الفني": "تستهويني الأفلام التي تعالج العلاقات الإنسانية الحميمة" (حوار)
عند زيارته لمنزل حبيبته السابقة "ريا"، يعلق "سليم" في الحمام، وعلى عتبة بابه يستعيد الحبيبان السابقان ذكرياتهما، على مدار ١٥ دقيقة يأخذنا المخرج اللبناني نديم حُبيقة في تجربته الروائية القصيرة الثانية "قبل أن نشفا - Before We Heal" في رحلة لعالمي سليم وريا والتي تتماسا قصتهما مع العديد من الأحباء السابقين بطموحاتها وخيبات آمالها.
المخرج نديم حُبيقة
درس صناعة الأفلام في جامعة "سانت جوزيف"، وتخرج في عام ٢٠١٤، تلقى دورات
تدريبية في مدرسة الفنون البصرية في مانهاتن بنيويورك، وعمل مساعد مخرج مع عدد من المخرجين
اللبنانين المشاهير، إلى جانب إخراجه ٣ كليبات لفرقة "أدونيس" اللبنانية،
وشارك فيلمه الأول "bonfire - feu de camp" في مهرجانات دولية،
ويشارك فيلمه الثاني "before we heal" ضمن المسابقة الدولية
لسينما الغد للأفلام القصيرة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأربعين.
"الفجر الفني"
التقى المخرج الشاب للتعرف على كواليس فيلمه الثاني، ومشاركته في مهرجان القاهرة، ومشروعاته
المقبلة، وإلى نص الحوار:
في البداية، متى
وكيف جاءتك فكرة فيلم "Before We Heal"؟
جاءتني فكرة الفيلم
بعد تجربة شخصية، حيث علقت في حمام البيت لبعض الوقت، وبعدها بشهر قررت تحويل هذه الحادثة
لفيلم، واستغرقت المسودة الأولى للفيلم نصف ساعة، ثم طورتها بعد ذلك، والفيلم ليس نسخة
متطابقة من الواقع ولكن هناك بعض الجمل التي نقلتها حدثت بالفعل.
على أي أساس اخترت
بطلي الفيلم؟
أثناء كتابة سيناريو
الفيلم، لم أتمكن من رؤية ممثلة أخرى في دور البطلة سوى يُمنى مروان، فقد سبق وعملنا
على مشروع من قبل، وبعد تواصلي معاها رحبت بالدور وتحمست لفكرة الفيلم، حتى أنها أضافت
للمسودة الأخيرة من السيناريو، أما بطل الفيلم فهو محمد بساط، ولكنه لم يكن على نفس
مستوى حضور يُمنى، ما جعل يُمنى مسيطرة بشكل كبير على الفيلم، خصوصًا وأن الكاميرا
تركز عليها بينما نسمع صوت محمد من داخل الحمام، وهو الأمر الذي اضطرتني إلى أعادة
دوبلاج دور البطل عن طريق إيلي نجيم في مرحلة المونتاج.
ما أبرز الصعوبات
التي واجهتك أثناء مرحلتي إعداد الفيلم وتصويره؟
تمثلت الصعوبة
في مرحلتي الكتابة والمونتاج، ففي الكتابة كانت الصعوبة في تطور الشخصية عبر ١٥ دقيقة،
كما أن الفيلم تدور أحداثه في مكان واحد ولابد من الحفاظ على تصاعد وتيرة الأحداث دون
ملل، وكذلك الحفاظ على سلاسة الحوار، فمن أكثر التعليقات التي أعجبتني حول الفيلم هو
أن الجمهور يمكنه فهم القصة والتواصل مع شخصياتها لبساطة حديثها وبعده عن التعقيد والمبالغة،
بينما كان التصوير ممتعًا جدًا ولكن كان هناك تحديات في تقطيع المشاهد وزوايا التصوير
للارتباط بمكان تصوير واحد، وفي مرحلة المونتاج واجهتنا صعوبة خصوصًا وأن الفيلم لا
ينتقل بين مشاهد مختلفة، وإنما يدور في مكان واحد، ولا يمكنني حذف مشاهد.
كم بلغت ميزانية
الفيلم؟ وكيف مولته؟
بلغت ميزانية الفيلم
قرابة ١٠ الآف دولار، وهي ميزانية معقولة، وتم تصويره في يومين ونصف، ومُول الفيلم
عن طريق موقع "ذومال"، والذي يتطلب انشاء صفحة للمشروع والعمل عليها لمدة
شهر عن طريق حملة دعائية لجذب جمهور وصحفيين وتقديم إعلان تشويقي عن المشروع، وبعدها
حصلنا على التمويل.
كم من الوقت استغرق
تحضير الفيلم حتى وضع اللمسات الأخيرة؟
استغرق الفيلم
قرابة ٦ شهور، حيث بدأت الكتابة في أبريل ٢٠١٧، وانتهيت منها في مايو، ثم حصلنا على
تمويل الفيلم في شهر يوليو، وصُور في يومي ١١ و١٢ يوليو من نفس العام، بينما طالت مرحلة
البوست برودكشن حتى نوفمبر الماضي.
صُور الفيلم في
مكان واحد هو الحمام، ما هي أبرز الأفلام التي شاهدتها واستهلمت منها أفكار للفيلم؟
صراحةً، كان الإلهام
من قصص الحب الناجحة وغير الناجحة، والأخبار التي أسمعها باستمرار من حولي، وأحب أيضًا
أعادة مشاهدة العديد من الصور السينمائية التي تلهمني، وكذلك الموسيقى فأنا من عشاقها،
رغم أن الفيلم لم تكن فيه موسيقى إلا أنها أحد الأشياء التي تلهمني، كما شاهدت مع مصور
الفيلم "سيلين لايوس" فيلم "fish tank - حوض السمك" للتفكير في طريقة التصوير التي سنتبعها في الفيلم،
حيث اخترت التصوير بإطار مربع وليس مستطيل.
هل تفكر في تطوير
السيناريو وتقديم فيلم روائي طويل؟
لا، لأن الفيلم
كُتب ليكون عمل قصير، وأن أفضل أن تكون الأفلام القصيرة مبينة على حدث أو موقف واحد،
ولا أحبذ أن يكون الفيلم قصير وبه الكثير من الأحداث بصورة مكثفة.
ما هي أبرز المهرجانات
الدولية التي شارك فيها المهرجان؟
شارك المهرجان
حتى الآن في سبع مهرجانات، وكان عرضه الأول في مهرجان إيجه السينمائي الدولي باليونان،
ثم عُرض في مهرجان Arab film festival بسان
فرنسيسكو، وأيام قرطاج السينمائية، وفي دولة لاتيفيا، والآن في مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي.
كتبت سيناريو الفيلم
بنفسك، هل تفضل كتابة أعمالك أم من الممكن أن تتعاون مع كتاب محترفين؟
لم أجرب إخراج
فيلم من كتابة شخص آخر حتى الآن، أرغب في تجربة الأمر، لكني أفضل في هذه المرحلة أن
أكتب بنفسي حتى أكون متمكن من العمل الذي أخرجه، كما أن الكتابة بنفسي ممتعة وبها لذة
مختلفة، وحين أشعر بأني تطورت كفاية سأفكر في التعاون مع كتاب آخرين.
ماذا عن فيلمك
الأول "Bonfire"؟
كان الفيلم مشروع
تخرجي من الجامعة اليسوعية في عام ٢٠١٤، ويحكي عن قصة شاب يفاجئه أصدقائه بزيارة مخيم
في عيد ميلاده، وتفاجئه أمه بالحضور، وهي شخصية هيسترية بعيدة عن الصورة الاعتيادية
للأم، وخلال ١٧ دقيقة، نتعرف على علاقة الشاب بوالدته وحكايات أسرتهما.
عملت مساعد مخرج
مع عدد من كبار المخرجين اللبنانين، حدثنا عن التجربة، وكيف استفدت منها؟
أحب العمل مساعد
مخرج حيث أشعر بأني ملم أكثر بتفاصيل الفيلم، وسبق وعملت مع مخرجين مشهورين، أذكر منهم
نديم تابت، وأحمد غصين، وكريم رحباني الذي فاز العام الماضي بجائزة أفضل فيلم روائي
قصير بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
إلى جانب الفيلمين
القصيرين، أخرجت فيديو كليبات لفرقة لبنانية، حدثنا عن التجربة، ومن المطربين الذي
تحلم بالعمل معهم؟
أنا مهووس بالفيديو
كليبات، حيث يمكنك التعبير عن مشاعر مختلفة بثلاث دقائق فقط، وأخرجت حتى الآن ثلاث
فيديوهات لفرقة "أدونيس" اللبنانية، وأفضل تقديم الفيديوهات بطريقة سينمائية
تحكي قصة من خلالها، وأتمنى العمل مع فرقة مشروع ليلى، وياسمين حمدان، وأطمح بالعمل
مع فنانين فرنسيين وآوروبيين مستقبلًا.
من أهم الفنانين
الذين تحلم بالعمل معهم؟ وهل تفضل العمل مع الشباب أم الأسماء المعروفة؟
التقيت الممثلة
العراقية زهراء غندور التي شاركت في فيلم "الرحلة" في مهرجان أيام قرطاج
السينمائية، وأتمنى العمل معاها قريبًا، كما أود العمل مع الممثلة اللبنانية نادين
نسيب نجيم، فأنا أراها وجه جميل ويمكن وضعها في أدوار مختلفة، وأحب في أفلامي الجمع
بين النجوم الشباب والأسماء المعروفة، وهو ما قدمته في فيلم "before we
heal" فالبطلة يُمنى فنانة مشهورة، فحين أن محمد بساط كان الفيلم تجربته
الأولى.
كصانع أفلام شاب،
برأيك ما أبرز التحديات التي تواجه صناع السينما سواء في لبنان أو العالم العربي؟
أظن أن التمويل
هو أصعب ما يواجه صناع السينما ليس الشباب وحدهم ولكن المخرجين الكبار على حد سواء،
وذلك لأننا في عصر السوشيال ميديا، والجميع يمكنهم انتاج محتوى مشابه وعرضه على الإنترنت،
فصارت المنافسة أصعب، ولكن في نفس الوقت أصبحت هناك فرصة أسهل للظهور.
كيف ترى الساحة
السينمائية اللبنانية حاليًا؟
هناك صعوبة لكن
في نفس الوقت هناك تقدم، فقد مررنا بفترة لم يكن فيها إقبال على السينما من الجمهور،
حيث كان يُنتج في العام فيلمين على أقصى تقدير، ولكن حاليًا صار هناك إقبال من الجمهور
اللبناني على الأفلام المحلية خاصةً مع نجاحها عالميًا، من أمثال أفلام نادين لبكي
وزياد دويري، فأصبح من السهل حاليًا انتاج أفلام، ولكنها لا تزال خطوات بسيطة ولكننا
على الطريق الصحيح.
مؤخرًا، أُعيد
تقديم المسلسل اللبناني "كاراميل" في شكل فيلم بعنوان "حبة كاراميل"،
كيف وجدت التجربة؟
لا تعليق.
مثلت في فيلم
"القضية رقم ٢٣"، كيف كانت تجربة التمثيل؟ وماذا عن نجاح الفيلم عالميًا
ووصوله للأوسكار؟
لعبت في الفيلم
دور مساعد "نادين" التي قدمتها الفنانة دياموند بو عبود، لم تكن تجربة رائعة
على مستوى التمثيل، ولكني استفدت منها في التعرف على المخرج زياد دويري والتعلم منه،
وكان لي الشرف بالعمل مع كامل باشا الذي نال جائزة أفضل ممثل في العديد من المهرجانات
الدولية، وكذلك دياموند التي أحبها كثيرًا، وفازت هي الأخرى بجوائز عدة عن دورها بالفيلم،
وعن وصول الفيلم للأوسكار فقد كان أمرًا مهمًا للبنان، ولنا كصناع سينما شباب حيث أكد
على أن السينما لم تعد حلمًا، والوصول للعالمية ممكنًا، فهؤلاء المخرجين نعمل معهم
ونراهم طوال الوقت.
كيف رأيت الهجوم
الذي تعرض له زياد دويري بعد عرض الفيلم واتهامه بالتطبيع ورفض عدد من الدول عرض الفيلم؟
لا أعرف، لا أزال
حتى الآن أفكر في الأمر، فقد فهمت وجهتي النظر، فأنا مع أن ما يُقدم فن وليس له علاقه
بالجانب السياسي، وفي نفس الوقت أقدر شعور الطرف الآخر الذي عانى من الأمر، ولكني في
النهاية لم أتمكن من الانحياز لطرف بعينه.
هل تحب التمثيل
في أفلام من إخراجك؟
لا أفضل التمثيل
في أفلامي، ولكن في حال عُرض عليا دور في فيلم لمخرج آخر يمكنني أن أجرب لاختبر قدراتي،
لكني في النهاية لست ممثلًا محترفًا.
بعد زيارتك الأولى
لمصر، كيف وجدتها؟ وهل تفكير في تقديم فيلم مصري؟
أحببت مصر كثيرًا،
وروح المدينة، والنيل، والشوارع، والشعب المصري، وأتمنى تقديم تجربة سينمائية عن شخص
لبناني لأنها أقرب لي، ولكن تجربة فيلم مصري خالص لا اعتقد أنني سأقدم عليها، فأنا
أحب الأعمال المشتركة، والسفر كثيرًا، ولكن ليس لدي حتى الآن الإمكانيات المادية التي
تؤهلني لذلك.
ما أبرز القضايا
والموضوعات التي تحب تقديمها في مشروعاتك المقبلة؟
أحب تقديم أفلام
تركز على العلاقات الإنسانية الحميمة، سواء كانت بين الأصدقاء أو الأحباء أو أفراد
العائلة، وهذا النوع من الأفلام هو ما يستهويني أكثر من الأفلام التي تعالج قضايا اجتماعية
أو صراعات وحروب وقصص لاجئين، واعتقد أن هذا الأمر لم يكن لصالحي خصوصًا في المهرجانات،
فنحن الآن في فترة يلتف فيها الكثيرون لأفلام عن الحروب وهو أمر مفهوم بطبيعة الحال.
ما هي مشروعاتك
المقبل؟
أحضر حاليًا لفيلم
قصير عن علاقة صداقة تُختبر من خلال موقف بسيط، ولكني لم استقر بعد على بطلي الفيلم
هل سيكونا رجلين أم امرأتين أم رجل وامرأة، وفي حال حصلت على تمويل الفيلم سأبدأ في
تصويره العام المقبل.