حسن كامي (بروفايل)
رحل عن عالمنا فجر اليوم الفنان والمطرب الأوبرالي حسن كامي، تاركًا إرثًا من الأعمال الفنية في مجالي الأوبرا والتمثيل، وسيرة طيبة سيتردد صداها رغم الرحيل.
ولد حسن كامي محمد علي كامي -بحسب بيان وزارة الثقافة- في 21 أكتوبر عام 1941، عمل والده في مصلحة الآثار في وزارة الثقافة كخبير آثار، أما والدته فكانت ربة منزل. قضى السنوات الأولى من عمره في منزل بحلوان بسبب الحرب العالمية الثانية، وهناك استمع لكل ألوان الموسيقى الشرقية والغربية، إذ كانت أسرته توظف في منزلها شخصًا مسؤولًا فقط عن وضع الإسطوانات واحدة تلو الأخرى، فشرب الموسيقى، وبدأ في تقليد الأصوات التي يستمع لها.
بدأ حبه للموسيقى الأوبرالي، عندما شاهد فيلم the great Caruso يحكي سيرة مغني أوبرا شهير وصفه بالأسطوري اسمه إنريكو كاروسو، وعنه قال في حواره ببرنامج "مفاتيح" مع الإعلامي مفيد فوزي: "لما تسمع النهادرة أعظم المغنيين في الأوبرا بالعالم ولا واحد فيهم وصل لكعب كاروسو، في العظمة وجمال الصوت"، ومنذ تلك اللحظة بات الطفل مسحورًا بهذا العالم، وأراد أن يكون "كاروسو" مصر والوطن العربي.
درس فن الأوبرا إلى جانب دراسته في كلية الحقوق، لرغبته في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، وسمعه الموسيقار أبوبكر خيرت عميد الكونسرفتوار، ووزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة، أثناء تفكيرهما في تأسيس قسم للدراسات الحرة، وهو القسم الذي التحق به فيما بعد كامي، وفي نفس الوقت كان يعمل مدير طيران بسبب إتقانه لأربع لغات.
جاءت مشاركته الأولى في الأوبرا للعب دور ثانٍ في عرض "لاترافياتا" عن قصة غادة الكاميليا، والتي ترجمها للغة العربية الدكتور إبراهيم رفعت. لم يكن كامي شغوفًا فقط بالفن الأوبرالي، والسفر ليجوب أنحاء العالم، رافعًا علم مصر بفنه الراقي، ولكن كان شغوفًا بأمور أخرى، أبرزها السياحة، ساعده عمله في المطار على الاقتراب من مجال السياحة، والتحق بالعمل في أكثر من شركة طيران، حتى فكر في تأسيس شركة للسياحة خاصة به.
ومنذ التحاقه بالعمل في دار الأوبرا عام 1963، نجح في تحقيق نجاحات كبيرة، وقام بدور البطولة في أوبرا عايدة على مسارح الأوبرا في الاتحاد السوفيتي عام 1974 ليكون بذلك أول مصري يقوم ببطولة أوبرا عايدة. وشارك في بطولة 270 أوبرا على مدار مسيرته المهنية.
على مستوى التمثيل قدمه الفنان الراحل محمد نوح للمسرح، وكان أول عرض يشارك في بطولته يحمل عنوان "انقلاب"، وتوالت الأعمال منها "دلع الهوانم" و"لا مؤاخذة يا منعم". من أشهر أفلامه "سمع هس، يا مهلبية يا، زكي شان، كريستال، دموع صاحبة الجلالة، ونسيت أني امرأة، بالألوان الطبيعية، وكشف المستور"، كما شارك في عدد كبير من الأعمال التليفزيونية، بين مسلسلات وفوازير، ومن أشهرها فوازير "إحنا فين"، مسلسلات "أنا وأنت وبابا في المشمش"، "قشتمر"، "قاسم أمين"، "بوابة الحلواني"، "أميرة في عابدين"، "الملك فاروق".
مشواره وحياته التي امتدت لـ77 عامًا، كانت مليئة بالمراحل الصعبة التي ظلت تشاركه وحدته حتى أيامه الأخيرة، من بينها تلقيه خبر وفاة نجله الوحيد، وقبل سنوات رحيل رفيقة دربه وحبيبة العمر وزوجته "نجوى"، التي ظل يعيش على ذكراها حتى آخر أيامه، يتحدث إليها بأعذب الكلمات كما لو كانت تعيش معه ولم تغادره يهديها كل يوم وردة.