طارق الشناوي يكتب: أبو عيون جريئة!!
ينتشر عبر (النت) تسجيل منذ سنوات لمفتى الديار المصرية الأسبق د. على جمعة، وهو يؤكد أن عبدالحليم حافظ كان يقصد الغناء للرسول عليه الصلاة والسلام عندما ردد (أبو عيون جريئة)، والأمر يتحول فى (السوشيال ميديا) إلى قدر من السخرية ينال مع الأسف من شيخنا الجليل، والحقيقة التى يعلم نصفها فقط د. جمعة، أنه يوجد تسجيل فى الإذاعة المصرية بصوت عبدالحليم يحوى هذا التسجيل، والذى جاء فى إطار لقاء فى برنامج أراد عبدالحليم أن يدلل على نجاح (أبو عيون جريئة) الطاغى فى الشارع، فقال للمذيع إنهم فى الموالد الدينية استبدلوا الكلمات العاطفية (أبو عيون جريئة) بأخرى مغرقة فى صوفيتها وحبها للرسول (روحولو روحولو روحولو المدينة / روحولو وباركوا وعاهدوا نبينا/ روحولوا وشاهدوا وباركوا وعاهدوا / محمد نبينا محمد نبينا روحولو المدينة).
الأغنية قدمت فى فيلم (شارع الحب) لعز الدين ذوالفقار، وكلنا نتذكر رقص نجوى فؤاد (سنية شخلع) فى أول ظهور سينمائى لها، وكيف استهل كمال الطويل اللحن بهذا التصفيق، ليتم توظيف (الكومبارس) فى المشهد، والمخرج استعان فى إطار اللحن بعزف يجمع بين فرقة موسيقية شرقية تقودها زينات صدقى، وأخرى نحاسية بقيادة (حسب الله السادس عشر) عبدالسلام النابلسى، مؤكد حققت الأغنية ولاتزال نجاحا طاغيا فى الشارع، وبالطبع، وبسبب نجاح الفيلم، لم تغادر أيضا الصورة ذاكرة الناس.
المفتى ربما لا يعرف أنه فى كل الموالد الشعبية الدينية يتكرر ذلك، وجزء من نجاح المنشد يعود إلى قدرته على الارتجال اللحظى ليضع كلمات على اللحن المحفوظ سلفا ليردده معه كل الدراويش. وبالطبع ستجد عشرات من الأغانى العاطفية التى تم استبدالها بكلمات دينية، وهو ما يمكن أن نُطلق عليه وجها آخر للمعارضة فى الشعر، حيث يختار الشاعر أبياتا من قصيدة مشهورة ويكتب على الوزن والقافية معانى أخرى، وله أيضا وجهه الدرامى المعروف بـ(البارودى)، التى تعنى وجها فنيا ساخرا لعمل جاد مثل أفلام (الويسترن الاسباجيتى) الكاوبوى الإيطالى، التى قدمت معالجة كوميدية لأفلام الغرب الأمريكى، ومن الممكن اعتبار أن فيلم (إسماعيل يسن يقابل ريا وسكينة) معالجة ساخرة لفيلم صلاح أبوسيف الشهير (ريا وسكينة) الذى قدمه قبل نحو عام من فيلم إسماعيل يسن، حيث أسند فيه المخرج حمادة عبدالوهاب البطولة أمام إسماعيل يسن لنفس بطلتى الفيلم نجمة إبراهيم وزوزو حمدى الحكيم. كان المخرج داوود عبدالسيد قد تقدم قبل ربع قرن بمعالجة درامية ساخرة للرقابة لفيلم صلاح أبوسيف (شباب امرأة)، داوود يرى أن تحية كاريوكا (شفاعات) قد عوقبت أخلاقيا بالقتل، وهى لم ترتكب ذنبا، وأن من يستحق العقاب هو شكرى سرحان (إمام)، ولكن الرقابة أصرت على موقفها الأخلاقى من (شفاعات)، أقترح على داوود وبعد التصريح بتداول (الحبة الوردية) أن يعاود تقديم السيناريو للرقابة، الدنيا أكيد تغيرت!!.
ويبقى قبل أن نغادر محطة (أبو عيون جريئة) أن أذكر أن هذه الكلمات لمرسى جميل عزيز، وكان بليغ قد لحنها فعلا لتغنيها فايزة أحمد، ولكنها ذهبت لعبدالوهاب، الذى طلب من الشاعر على مهدى أن يكتب كلمات أخرى على نفس الوزن (بريئة بريئة أحلف لك بريئة)، هل كان الأمر بريئا هذه المرة؟ أترك لكم أنتم الإجابة!!.
نقلا عن المصري اليوم