"العالم في قبضة الشيطان" كتاب جديد للكاتب الصحفي محمد الشرشابي
صدر مؤخرا عن مؤسسة يسطرون كتابا جديدا للكاتب الصحفي محمد الشرشابي، بعنوان "العالم في قبضة الشيطان"، تناول من خلاله مخططات الهيمنة الصهيو أمريكية، متحدثا عما وصفه بالأفكار الشيطانية التي تحاول القوى الصهيو أمركية التحكم بها في العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
أوضح الشرشابي
في مقدمة الكتاب، أنه من الخطأ أن يزعم البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية، دولة
حرة مستقلة ذات سيادة، ويخطئ أيضًا من يزعم أن القرار في الولايات المتحدة يصدر بناءً
على رغبة الرئيس أو حتى رغبة الكونجرس، وحتى من يعتقدون أن جماعات الضغط في الولايات
المتحدة هي التي تنتزع القرارات من الجهات التشريعية والتنفيذية قد جانبهم الصواب.
ويرى أن الجهات
التنفيذية في أمريكا، وعلى رأسها رؤساء الولايات المتحدة أنفسهم بإداراتهم المتعافية،
ليسو سوى موظفين، ليس لهم ولا حتى حق إبداء الرأي.
هكذا خطط اليهود
لأمريكا أن تكون المركز الصهيوني اليهودي البديل لإنجلترا، التي يستطيع اليهود أن يتحصلوا
منها إلا على القدر الذي كانوا يتطلعون إليه، وهو وعد بلفور.
عند هذا الحد كان
على الصهاينة أن ينتقلوا إلى محطة أخرى، يصبحون فيها أكثر استقلالية، بعد أن عاشوا
لقرون دور التابع الذي يعيش في أحضان القوى العظمى، مستفيدًا من هيمنتها، مقابل خدمات
علمية أو تجارية أو سياسية، ولا مانع أن يكون ذلك مقابل خدمات قذرة، كالدعارة والربا.
وأوضح أن كل هذه
القوى كانت تعمل لصالح الصهاينة كقاتل مأجور ينفذ لها رغباتها في مقابل ما، لكن على
ما يبدو أن طموح الجماعات الصهيونية كان يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى قوة عظمى
يملكونها، تعمل لصلحهم كقاتل بلا أجر، لذلك فقد تحولت وجهتهم عن بريطانيا التي احتضنت
نموذج السيطرة اليهودية لعقود، خاصة بعد أن ثبت للعديد من البلدان الأوربية ضلوع اليهود
في تخريب الاقتصاد والتلاعب بالعملات، فضلًا عن الشائعات التي كانت تطاردهم بشأن قتل
الأطفال المسيحيين وفقًا للتعاليم التلمودية، ما دفع اليهود إلى البحث عن صيغة بديلة
تمكنهم من تحريك العالم، من دون الارتماء في أحضان القوى العظمى.
كانت الفكرة، لماذا
لا يكون اليهود هم القوى العظمى في العالم؟ لماذا يعلبون لصالح الغير؟ في حين أنهم
يستطيعون اللعب لصالحهم مباشرة.
من هنا جاءت فكرة
العلاقة بين الصهيونية والولايات المتحدة، التي تأسست لتكون دولة صهيونية استعمارية
تحت غطاء دولة مسيحية علمانية ديمقراطية.
وقد حاول الشرشابي
أن يثبت من خلال تلك الجولة الحية في العلاقات الصهيونية الغربية، أن العالم بالفعل
يتعرض لمؤامرة حقيرة، تديرها العصابات الصهيونية، ليس لأهداف دينية كما يتصور البعض،
ولكن لأهداف عنصرية بغيضة، تحركها أطماع لا حدود لها، تستحل من أجل تحقيق تلك الأطماع
كل الثوابت والمقدسات، بل وتهتك كل الأعراض التاريخية والجغرافية والثقافية والأيديولوجية.
وأضاف أنه لم يعد
خفيًّا أن اليهود لا يألون جهدًا في إفساد العالم في أخلاقه وعقائده، ونظمه وثوابته
الفكرية والثقافية، وذلك بسبب أطماعهم التي لا حدود لها، من خلال مخططات شيطانية أدركوا
بعضها بالفعل، وما زالوا يعملون جاهدين لتحقيق ما تبقى، لذلك أردت ومن خلال تتبع حركة
الاختراق الفكري للمجتمعات العربية والإسلامية على وجه التحديد، التأكيد على أن مؤسسات
الغزو الفكري حولت وجهتها عن سياسات الغزو التي انتهجتها من قبل، إلى سياسات أكثر خداعًا،
فكما تنبه الغرب من قبل إلى أن الغزو العسكري ليس مجديًّا في التأثير على العقلية العربية،
وتحولوا بسبب ذلك إلى الغزو الفكري، تنبهوا أيضًا إلى أن الغزو الفكري المباشر أصبح
هو الآخر غير مجدٍ في ظل الحذر والحرص الزائد من جانب العقلية العربية.
ورغم ذلك لم يقطع
الفكر الغازي الأمل في فرض سيطرته على العقلية العربية والمسلمة، ولكن من خلال فلسفات
اختراقية جديدة، تعتمد على دغدغة المشاعر بما يثيرها أحيانًا، وما يقودها إلى مناطق
في غاية الخطورة.
ومع ذلك فإن خطورة
موجات الغزو الصهيوغربي الحالية، تكمن خطورتها، في أنها تستهدفنا في وقت لم نعد نمتلك
فيه الكوادر الفكرية القادرة على الرد والمواجهة، كما كان الحال في الموجات السابقة،
خاصة بعد صناعة نخبة قد تشبعت بهذه الأفكار المغلوطة، إلى درجة الإيمان بها، فأصبحت
تدافع عنها وتروج لها ربما بأكثر ما يروج لها أصحابها.
الأخطر من ذلك
أن القاعدة المستهدفة من المتلقين لم تعد تملك القدر الكافي من الثوابت التي تجعلها
متمسكة بموروثاتها الفكرية والثقافية، كما لم يعد لديها القدر الكافي من الثقافة ما
يجعلها تميز بين ما هو فكر وما هو استهداف أو تضليل، حتى ذلك القدر من التوجس حيال
كل ما هو وافد على الثقافة، لم يعد موجودًا بسبب العصرنة وما تبعها من عولمة طمست الكثير
من المعالم التي لطالما بقيت حدودًا فاصلة وموانع طبيعية لأي فكر دخيل.
وربما يكون هدفه
التمهيد لبسط نفوذ أو إشاعة ثقافة، أو التمهيد لفكر أو فكرة، وذلك انطلاقًا من الفكرة
الصهيونية الخبيثة القائمة على التمهيد الذي يسبق الهيمنة، وذلك من خلال المراكز البحثية
التي اتكأ عليها الصهاينة لبسط نفوذهم على العالم، مع الوضع في الاعتبار أن الباحثين
اليهود ومؤسساتهم البحثية إنما هم في المقام الأول مؤسسات عسكرية، وهم من قامت عليهم
في الأساس الدولة الصهيونية، وساهمت بشكل مباشر في العمل على تجزئة الوطن العربي، والقيام
بكل المؤامرات من أجل إفشال التعاون العربي والوحدة العربية، وتصدير المشاكل للعرب،
وزجهم في حروب بينية تستنزف طاقاتهم وتبقيهم في دائرة التخلف.