"خمسة ونص" يتصدر الأعمال الدرامية في سوريا
مسلسل "خمسة ونص"، تكاملت فيه عناصر العمل الفني الدرامي من كل النواحي، سواء من تصاعد الصراع في الحدث والحبكة محكمة الصنع وأداء الممثلين، ناهيك عن جمال الصورة ونقائها، هذا العمل الذي جمع ما بين القوة والسياسة والحب حقق نجاحًا ملحوظًا من حيث المشاهدة في ظل حضور حقيقي للدراما اللبنانية-السورية على شاشات الخليج والوطن العربي بشكل لافت، حيث خلق هذا المسلسل حالة من الرومانسية الحقيقية التي لم تعتمد فقط على المشاعر المجانية لجذب المراهقين، بل كانت قائمة على أساسيات مسؤوليات حقيقية للرجل تجاه المرأة.
“خمسة ونص”، وإن كانت له خصوصية في نوعية قضية الفساد في بعض المؤسسات اللبنانية، والقضايا الخاصة من حيث الأحزاب السياسية والصراعات التي تولدها تلك الجهات على الصعيد المحلي، إلا أن الكاتبة نجحت في تعميم العمل من خلال قصة الحب التي جمعت ما بين النجمين نادين نسيب نجيم وقصي الخولي والتساؤلات التي رسمتها حول دور النجم معتصم النهار، ولم يكن هذا العامل الوحيد في جذب المشاهد من حيث ثيمة العمل، بل فكرة الفساد نفسها التي يعانيها العديد من المجتمعات العربية.
أداء الشخصيات لم يحصر نجاح العمل من حيث نسب المشاهدة على لبنان فقط، بل تعداه إلى المشاهد الخليجي، حيث يعرض على قناة “ام بي سي”، لكن المفاجأة كانت في مصر، حيث تداول نشطاء عبر وسائل التواصل الإجتماعي الرسائل والتعليقات حول العمل بشكل إيجابي، وهو الأمر الذي قلما نجده في مصر لكثافة الإنتاج والعروض في شهر رمضان.
الصراع في المسلسل يسير بخطوط ثابتة بعيدة عن الرتابة، وفيها منطقية الحدث، وإن كان مشهد الزواج الذي ظهر في الحلقة العاشرة من العمل يشتمل على بعض الفانتازيا، إلا أنها كانت خطوة ذكية، أضفت روحًا حالمة على المشهد. في تفصيل أكثر لأداء الشخصيات أثبتت الفنانة نادين نسيب نجيم أنها فنانة من الدرجة الأولى، من حيث امتلاكها أداواتها الفنية باتقان، إلا أن المفاجأة الحقيقية في هذا العمل هو ذاك التناغم الرومانسي الحقيقي بينها وبين الخولي الذي شعر به كل من يتابع العمل، إلى جانب أدائها المتزن في الأحداث الأخرى، في موازنة ما بين الحب والواقع اليومي لحياتها في سياق الحدث الدرامي، ومن هنا أكدت نجيم أنها عنصر جاذب لأي عمل تشارك فيه، ومسوّق مميز للأعمال المشاركة فيها عن جدارة، وليس بسبب جمالها فقط.
الفنان قصي خولي شمّر عن ذراعيه في “خمسة ونص” في أداء عالي الإحساس ما بين الجد والحب وما بين القسوة والحنان في مفارقة درامية قلما يجيدها الفنان في عمل واحد، مما يدل على قوته من حيث الأداء الفني وتفسير البعد النفسي للشخصية التي يجسدها والتي تحمل الكثير من المفاجآت خلال الحلقات المقبلة، حيث يعيش صراع البقاء وإثبات الذات في مجتمع جديد عليه، وتأسيس حياة عاطفية فيها الكثير من المواجهات مما قد يهدد استمراريتها.
الفنان معتصم النهار منذ بداية ظهوره أثارت نظراته الحادة إعجاب الجمهور وانتباهه على حد سواء، فبدى بوضوح أنه العنصر الأكثر غموضًا في العمل. غيّر بذكاء حاد مجريات القصّة وقلب السياق الدرامي للعمل رأسًا على عقب، لتبدأ التكهنات حول إمكانية تطوّر علاقته بنجيم بعد أن خاطر بحياته لإنقاذها في أحد أقوى مشاهد العمل حين تتعرض السيارة التي تستقلها معه لاطلاق نار من قبل بعض المسلحين. لن تتوقف مفاجآت معتصم عند هذا الحد تبعًا لبعض المشاهد التي تبث كدعاية للعمل.
الفنان رفيق علي أحمد في هذا العمل يبدو كمايسترو محرك للأحداث، وأساس في الصراع القادم ما بين الحب والحق، فهو فنان مخضرم له من الأراء والفكر ما يجعله على قدر الدور الذي يلعبه، في حين استطاع المخرج أن يقدم صورة جميلة للمشاهد لأحداث المسلسل بشكل مميز، من حيث نقاوة الصورة وشد انتباه المتلقي لخفايا الأحداث من خلال ماوراء الحدث الرئيسي الذي يدور على الشاشة.
الفنانة رولى حمادة، التي تلعب دور زوجة الأب، وتعيش حالة من الصراع النفسي الداخلي بدافع الإنتقام من الماضي المتمثل بوالدة “غمار” الشخصية التي يجسدها قصي خولي، والتي أساسها الغيرة، حيث تعمل على تحريك الحدث بشكل لا يمكن الاستهانة به لتأجيج الصراع بين الشخوص في المسلسل، خصوصًا القصة الأبرز فيه وهي العلاقة التي تجمع بين خولي ونجيم.
المسلسل من ﺇﺧﺮاﺝ فيليب أسمر وﺗﺄﻟﻴﻒ إيمان سعيد، ومن بطولة قصي خولي، نادين نسيب نجيم، معتصم النهار، رفيق علي أحمد ورولى حمادة.