إحسان عبد القدوس.. معارك الحب والسياسة.. سيرة جديدة في مئويته
صدر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية كتاب الكاتبة الصحفية "زينب عبدالرزاق" بعنوان "إحسان عبد القدوس معارك الحب والسياسة".
تصدر هذه السيرة في الذكرى المئوية لميلاد إحسان عبد القدوس" 1919" وبعد مرور ثلاثين عامًا على رحيله "1990"، يأتي هذا الكتاب الذي يغوص في سيرة إحسان عبد القدوس الحياتية عبر تتبع عدة خطوط متقاطعة من حياته، أولها سيرة نشأته وظروف ولادته، وحرمانه من أمه في طفولته، وأسباب هذا الحرمان.
والخط الثاني شخصية أمه التي تحدت أعراف المجتمع وتقاليده السائدة المهيمنة، ووقفت على خشبة المسرح، ثم قرارها بإصدار مجلتها الشهيرة روزاليوسف، وهو ما ساهم في تشكيل وجدان إحسان الذي رفض الاستمرار في مهنة المحاماة، بسبب نداهة الأدب والسياسة.
أما الخط الثالث، فهو تذبذبه بين عوالم مختلفة..عالم جده الشيخ رضوان، المتمسك بأصول الدين، وعالم والدته التي تعمل بفن التمثيل، وعالم والده الذي ترك مهنته الأصلية ليتفرغ لكتابة المسرحيات.
وظهر الخط الرابع حينما كتب إحسان مقالات تسببت في سجنه فيما مثّل الخط الخامس زوجته السيدة لواحظ المهيلمي التي ساندته ووقفت بجواره أما سادس هذه الخطوط فهو علاقته بالرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات.
يحوي الكتاب تسعة فصول، يناقش كل فصل منها جانبًا من حياة إحسان عبد القدوس، تستهله الكاتبة مع عالمي جده وأمه المتناقضين، ثم تناقش في الفصل الثاني التأثيرات الجمّة التي غرزتها فيه أمه السيدة فاطمة اليوسف، وتناقش زينب عبد الرزاق ملفات شديدة الحساسية في العلاقة بين إحسان وفاطمة اليوسف "روزاليوسف"، خاصة حينما طردته من المجلة، وظلت عامًا كاملًا لا تخاطبه، أو تراه في مكان عام فتتجاهله، وكان وقتها صاحب أسرة وأبناء.
وتسلط زينب عبد الرزاق الضوء على أصول السيدة فاطمة اليوسف، المولودة في مدينة طرابلس اللبنانية، وعملها مع جورج أبيض ويوسف وهبي، حتى حملت لقب "سارة برنار الشرق" بعدما قامت بدور "مارجريت جوتيه" في مسرحية غادة الكاميليا.
الفصل الثالث من الكتاب هو أشد فصوله حساسية لما يحوي من تفاصيل شيقة عن النقد الصحفي الكبير الذي شنّه إحسان عبد القدوس على ممارسات القصر، والبوليس السياسي، وهجومه على اللورد "كيلرن" في مقال عنوانه "هذا الرجل يجب أن يذهب"، اتهمه فيه أنه يتصرف كما لو كان ملك مصر، وكان ذلك بعد حادثة 4 فبراير 1942.
يسرد الكتاب أيضًا تفاصيل سجن إحسان في عهد الثورة، ومحاولات عبد الناصر استرضائه بعد الحبس، وكذلك تصميم إحسان على رفض الاتصال بالسادات للتدخل للإفراج عن ابنه المقبوض عليه في أحداث سبتمبر 1981.
كتاب زينب عبد الرزاق " إحسان عبد القدوس..معارك الحب والسياسة" ليس مجرد سيرة أخرى توثق لحياة إحسان عبد القدوس، بل إعادة قراءة حديثة لسيرة أديب كبير مزوّدة بالعديد من الصور لإحسان عبد القدوس في مواضع ومناسبات مختلفة، إضافة إلى أربع رسائل ووثائق خاصة تُنشر هنا للمرة الأولى، منها رسالة إلى طه حسين عميد الأدب العربي، ورسالة إلى علي صبري، ورسالتان إحداهما عن قضية الأسلحة الفاسدة التي فجّرها إحسان عبد القدوس، حصلت عليها المؤلفة من نجل إحسان المهندس أحمد عبد القدوس، معروضة في متن الكتاب.
هذه السيرة التي تُنشر اليوم، تسلط الضوء بجرأة على محطات غاية في الأهمية والخطورة عاشها أديب وصحفي حر، اقترب من السلطة، ولم يجعل من اقترابه هذا أن يحني رأسه لها، بل صارحها بعيوبها ونجح في إغضابها، ولم يخشاها حفاظًا على مناصب، أو مكاسب.