دار الأوبرا الخديوية.. حقيقة عرض "ريجوليتو" بدلًا من "عايدة" في افتتاح قناة السويس
تمر اليوم الاثنين الذكرى الـ152، على افتتاح دار الأوبرا الخديوية، وذلك في 1 نوفمبر عام 1869، والتي اعتبرت الأوبرا القديمة هي الأولى فى قارة إفريقيا واعتبر مسرحها واحدًا من أوسع مسارح العالم رقعة واستعدادًا وفخامة.
كان الخديوي إسماعيل قد وضع إمكانيات غير مسبوقة من ديكور فاخر ومرتبات خيالية، من أجل حفل افتتاح قناة السويس في أبهى صورة ممكنة، وكلف الموسيقى الإيطالي الشهير فورتونينو فرانشيسكو جوزيبي فيردي، بوضع موسيقاها كي يفتتح بها دار الأوبرا الجديدة بالقاهرة في مناسبة الاحتفالات بافتتاح القناة، لكن الظروف لم تشأ بذلك.
وتعود قصة حكاية عرض أوبرا عايدة، عندما قام فيردى بتأليف أوبرا عايدة بتكليف من الخديوى إسماعيل، الذى حكم مصر بين عامى 1863 و1879، لتعرض فى افتتاح قناة السويس فى نوفمبر 1869م وتكون جزءًا من مباهج وإبهار حفل الافتتاح، لكن تأخر وصول الملابس والديكورات من إيطاليا حال دون عرضها فى ذلك الوقت، وعُرضت بدلًا منها أوبرا "ريجوليتو"، ولكن في اليوم التالي.
لم تُعرض أوبرا عايدة عند افتتاح دار الأوبرا الخديوية، على نقيض الأسطورة الرائجة تاريخيًا بهذا الشأن، نظرًا لعدم الانتهاء من تجهيزها وطلب استعجال من الخديوي إسماعيل رغبة منه في تقديمها أمام ضيوفه خلال حفل افتتاح قناة السويس، لذا قدمت أوبرا أخرى في الثاني من نوفمبر عام 1869 هي أوبرا "ريجوليتو" المقتبسة من قصة للأديب الفرنسىيفيكتور هوجو "الملك يلهو"، وهى أيضًا من تلحين الموسيقار الإيطالي جوزيبي فيردي.
وبحسب مجلة "وادي النيل"، التي تعد أول مجلة سياسية أدبية في مصر، لصاحبها الشاعر عبد الله أبي السعود أول معرب لأوبرا عايدة، قالت: "أن افتتاح الأوبرا كان محددًا بقصيدة غنائية من قبل المنشدين والمنشدات وهم واقفون حول صورة للخديوي إسماعيل، ولم يكن الاحتفال كما هو معروف بأية أوبرا تمثيلية. أي إن الأوبرا افتتحت بقطعة غنائية لا بأوبرا عايدة ولا بأوبرا ريجوليتو كما هو مدون في جميع المراجع الحديثة".
افتتاح الأوبرا كان في 1 / 11 / 1869 بقطعة غنائية، إلا أن أوبرا "ريجوليتو" تم عرضها في اليوم التالي، أي يوم 2 / 11 / 1869، ومن الطريف أن هذه الأوبرا لم يكتمل عرضها؛ إذ حدث حريق أثناء العرض أدى إلى فرار الممثلين.
وأكملت مجلة "وادي النيل" عن ذلك: "وإذا بثورة من الغاز الموقد في مكان التياترو المذكور، قد قامت وكأن القيامة قد قامت. حيث فزع سائر الحضور وانقطع سلسال الحظ والسرور. وكان أول من أَبِق من خوف النار وقال إن الغنيمة في الفرار، أبناء الفن؛ إذ لم يسعهم غير الخروج من ذلك الكُن. وترتب على ذلك حصول اختلاط واختباط والوقوع من الهباط واللياط في مثل ما ذكره الأديب الحريري لمناسبة وقوع المجاعة في دمياط. وانقطع اللعب وأعقب ذلك الطرب نوع آخر من الطرب مع ما كان يحصل من طرف بعض المتثبتين منهم من الصياح بالتطمين".
وهذا الخبر يؤكد أن أوبرا "ريجوليتو" لم يتم عرضها على الوجه الأكمل، بسبب الحريق الذي اندلع وقت تمثيلها، كما يؤكد أيضًا أن الخديوي حضر بمفرده هذا العرض ولم يُحضر معه أية شخصية أجنبية من ملوك وأمراء أوروبا، وإلا كانت المجلة ذكرت اسمه، ووجدت في ذلك الأمر مادة صحفية طريفة تستحق النشر.