طارق الشناوي يكتب: حكايات من قرطاج
لدى الكثير الذي أحكيه عن جوائز مهرجان (قرطاج) وتفاصيلها وكواليسها، وكيف تتم المناقشات رغم اختلاف الثقافات وأساليب التلقى، الجوائز أعلنت، مساء أمس، وأنا أكتب هذه صباحا، المسؤولية الأدبية تحول دون البوح، لأن هذا يجرح سرية النتائج، فقط أقول إن الكثير من التفاصيل لتحليل النتائج سوف يجعلنا نعيد النظر في أشياء عديدة نعتبرها من المسلمات.
علاقة مصر موغلة في القدم بالمهرجان، فهو الأعرق عربيا، أسماء مثل يوسف شاهين وتوفيق صالح وصلاح أبوسيف، وغيرهم، ثلاث من القمم المصرية لديهم مساحة كبيرة من الحب لدى كل أجيال السينمائيين في تونس.
نصيب السينما المصرية في جوائز (التانيت الذهبى) قليل جدا، حصلنا عليها عام 70 عن فيلم (الاختيار)، المتداول أن الجائزة لم تكن للفيلم ولكن لمشوار يوسف شاهين، عندما راجعت الوثيقة الرسمية تأكدت أن الإجابتين صحيحتان، الجائزة عن الاختيار وأيضا مجمل الأعمال.
المخرج أحمد عبدالله في 2012 حصل على (التانيت الذهبى) عن فيلمه (فرش وغطا ).
المخرج توفيق صالح حصل بفيلمه (المخدوعون) عام 1972 على (التانيت الذهبى)، الفيلم يحمل الجنسية السورية فهو إنتاج مؤسسة السينما هناك، نظرا لحساسية القضية التي يتناولها، فهو مأخوذ عن رواية غسان كنفانى (رجال تحت الشمس)، توجست الرقابة السورية من تداول الشريط، لم تمنعه كما أنها لم تصرح بعرضه، حتى وجد طريقه بطريقة غير مباشرة إلى (قرطاج)، وبعد حصوله على الجائزة بات من المستحيل التعتيم عليه، وفى كل الاستفتاءات يحظى (المخدوعون) بمكانة خاصة جدا، كواحد من أفضل ما قدمت السينما العربية طوال تاريخها.
من أشهر الجوائز (معالى الوزير) 2002، سأل أحمد زكى رئيس المهرجان بطريقة غير مباشرة: هل أعود غدا لأن لدى موعدا مهما بالقاهرة، أم أنتظر بعد الغد وأحضر الختام؟ جاءت الإجابة محايدة: (وجودك يشرفنا لكن لا أستطيع أن أمنعك من العودة ما دام لديك شىء مهم بالقاهرة ).
أيقن أحمد زكى أنه لن يحصل على جائزة فأكد طائرة العودة؟.
وبمجرد وصولنا لمصر على الخطوط التونسية وجدنا فتاتين من السفارة تصعدان على سلم الطائرة لتطوقان عنق أحمد زكى بالزهور وتعلنان حصوله على (التانيت الذهبى) أفضل ممثل، وقد علمت من أحمد زكى أنه حتى رحيله لم تصل إليه الجائزة.
ومن الحكايات (القرطاجية) أن الجمع بين فاتن حمامة وسعاد حسنى في فيلم واحد جاء في (قرطاج) أثناء تواجد النجمتين، وكان خان يضع الخطوط النهائية لفيلمه (أحلام هند وكاميليا)، سأل فاتن: هل تقدمين (ريا وسكينة) مع سعاد حسنى؟ فقالت: (أعمل مع سعاد ولكن ابعدنى عن ريا وسكينة)، وعرض عليها (هند وكاميليا) وتحمست، وهو ما تكرر أيضا مع سعاد، كل منهما كانت تتمنى العمل معا، وكل منهما كانت أيضا تخشى من العمل معا، اعتذرت فاتن فأسند الدور إلى نجلاء فتحى، ثم اعتذرت سعاد ورشح إلهام شاهين، وعندما اعتذرت أسند الدور إلى عايدة رياض.
ودخل (أحلام هند وكاميليا) التاريخ كواحد من أفضل الأفلام المصرية وأقربها بالمناسبة إلى قلب (خان)، وتبقى لخان أيضا حكاية (خرج ولم يعد) الحاصل على التانيت الفضى وجائزة أحسن ممثل يحيى الفخرانى، والغضب الذي ناله عضو لجنة التحكيم نور الشريف لأنه لم يمنح الجائزة لعادل إمام أو لفريد شوقى، واستمرت الخصومة سنوات مع عادل وفريد !!.
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).