طارق الشناوي يكتب: "ودّع هواك وانساه وانساني"!
لم تكن المرة الأولى التي يلقى فيها القبض على النجم الشاب بتهمة التعاطى، قبل بضعة أشهر فعلها وخرج بكفالة على ذمة التحقيق، إنه ليس هو الوحيد بين النجوم، يوميا نقرأ أخبارا مماثلة، ولكنه فقط تحول إلى ورقة مضمونة، من السهل اصطياده متلبسا، مع تكرار السيناريو صار لا يكترث كثيرا بما يقوله عنه الناس ولا بالألم النفسى الذى يصيب عائلته ومحبيه، فهو يفعل أى شىء من أجل الحصول على الجرعة.
أشعر بقدر من التعاطف مع المتعاطى، فهو مريض يستحق العلاج وليس التشفى أو التهكم.. مع الأسف كثيرون دخلوا إلى تلك المصيدة ولم يستطيعوا الخروج منها، ولدينا عشرات من النماذج محليا وعالميا، مثلا ماكولاى كالكين هذا الطفل الجميل الذى شاهدناه قبل أكثر من 30 عاما فى مجموعة أفلام «وحدى فى المنزل» فوجئت به بعد أن تخطى الأربعين بعام أو اثنين وقد أصبح يحمل وجه رجل متهالك عجوز قضت عليه السنون!!.
ماكولاى هو نموذج لنجاح الطفل الذى يمتلك فى لحظة كل شىء: شهرة وفلوس وحضور وتألق.. ثم خفوت تام، وكأن الله منحه فى سنوات قليلة كل شىء ثم حرمه بعد ذلك من كل شىء!!.
نتذكر نجما كان واعدًا حاتم ذو الفقار، انتهت حياته فى الظل دخل السجن أكثر من مرة، وكانت فضائحه دائما تسبقه، حاتم واحد من أربعة أو خمسة فنانين جمعتهم دائرة الإدمان التى وحدتهم يوميا فى سهرة تمتد حتى فجر اليوم التالى، كل مشكلة حاتم بعد أن يلقى القبض عليه متهما بحيازة الهيروين هى أن يصرخ قائلا: «إشمعنى فلان الفلانى حر طليق؟».. لم تكن العدالة هى مطلبه، فقط كان يريد أن يلحقه نجم آخر مدمن.. تم بالفعل علاجه بإشراف الدولة.. وتلك حكاية أخرى!!.
الإدمان لعنة معرّض لها البشر جميعا، ولكن الفنان تزداد احتمالات وقوعه فى براثنه. هل تتذكرون المطرب عماد عبدالحليم؟!.. عرف مبكرا النجاح فى الغناء بعد أن دفع به عبدالحليم ومنحه اسمه. ورحل عبدالحليم وظل عماد متقدما الصفوف لأنه صاحب موهبة، إلا أنه دخل سريعا بؤرة الإدمان، ولم يحط الموهبة بسياج يحميها وبدأت الأضواء تنسحب عنه، وامتزج الإدمان بعلاقة نسائية براقصة شهيرة تردد أنه تزوجها عرفيا، كادت تؤدى به إلى السجن.
فلقد استغلت علاقتها برجال الأمن وأخبرتهم بموعد لقائه مع مطرب اشتهر بأداء الأغانى الدينية، إلا أن الأمن داهم مقر المطرب قبل أن يصل إليه عماد، ألقى القبض على المطرب الدينى وحُكم عليه بالسجن عاما أو اثنين.. ومرت السنوات، واقترب عماد أكثر من منطقة الخطر، لينتهى الأمر كعادة المدمنين بالعثور على جسده ملقى فى عرض الطريق ومعه سرنجة وليمونة.
كيف تعرف المدمن؟.. تراه وقد ماتت نظرة عينيه، ربما نجح فى ترديد الحوار الذى يحفظه ولكنه أبدا لا يشعر بمعناه، أعرف نجما صار يقبل أى دور يعرض عليه لأنه يحتاج إلى سيولة مادية تتيح له شراء الجرعة بانتظام، لو دققت النظر فى عينيه لوجدتها فقدت الحياة. عيناه ترى نعم، ولكنه يبدو على الشاشة وكأنه يطل علينا من عالم آخر.
بطارية الإبداع تفقد رصيدها تدريجيا.. نعم، يحاول البعض أن يتخلص بين الحين والآخر من شبح الإدمان، ولكن- ومع الأسف- حتى لو امتثل للعلاج بعض الوقت، إلا أنه وبعد أول هزة نفسية يجد نفسه يبحث مجددا عن الجرعة.. وعلى رأى عبد المطلب (عُمر اللى راح ما بيرجع تانى / ودع هواك واِنسَاه واِنسَانى)!!.
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).