فايزة هنداوي تكتب: كريم عبد العزيز.. نجومية صنعتها الموهبة والدراسة والذكاء
لا أدري لماذا اعترض البعض على تكريم النجم كريم عبد العزيز، في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وكأن التكريم لا بد أن يقتصر على الراحلين، أو كبار السن، بينما أرى أن تكريم نجم بموهبة كريم عبد العزيز هو تشجيع على النجاح والتميز.
كريم عبد العزيز، لا يملك تاريخا ضئيلا كما يعتقد البعض، فهو من جيل جاء في ظروف مختلفة عن الأجيال السابقة التي كانت الظروف الإنتاجية تسمح لكل نجم أن يقدم عدة أفلام كل عام، بينما شهد جيل كريم تراجعًا كبيرًا في إنتاج الأفلام المصرية، وبعد أن كانت الأفلام المنتجة سنويا تصل لأكثر من 60 فيلمًا سنويًا بالثمانينيات، من القرن الماضي، تراجع الإنتاج ليصل في بعض السنوات من الألفية الجديدة إلي 15 فيلمًا فقط، وهو عدد لو تم توزيعه على النجوم لا يكفي لعمل فيلم لكل نجم.
ورغم ذلك تمكن كريم عبد العزيز، من تقديم أعمال متميزة نجح من خلالها في تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة، وذلك لأنه يتميز بعدة مميزات قلما يتمتع بها نجم واحد.
أول هذه المميزات تحقق له صدفة، وهو أنه جزء من عائلة فنية كبيرة، فوالده هو المخرج الكبير محمد عبد العزيز، وعمه هو المخرج الكبير أيضا عمر عبد العزيز،، هذه النشأة أتاحت له أن يحتك بالوسط الفني عن قرب، فيشاهد أعمالا فنية بكثافة منذ الصغر، وتدور حوله مناقشات فنية كثيرة، كذلك منحه ذلك فرصة الاحتكاك بكبار الفنانين، مما ساعده علي تذوق الفن والإحساس به، فالبيئة المحيطة تساعد في التوجه، لذلك فإن هذه البيئة هي التي أنتجت أيضًا المخرج المتميز محمد ياسين.
ولا يمكن اتهام كريم عبد العزيز بأنه اقتحم الوسط الفني بالواسطة، ذلك أن الواسطة يمكن أن تمنح الفرصة، ولكنها لا بمكن ان تضمن الاستمرار، وكثيرًا ما ظهر في الوسط الفني أبناء نجوم، قدموا بعض الأعمال اعتمادا على آبائهم، لكنهم فشلوا في الاستمرار، لأن حب الجمهور لا يتحقق بالواسطة، ولم يكن ليستعين به المخرج شريف عرفة، في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" اعتمادًا على الواسطة، ولم يكن لأحمد زكي أن يقبل مشاركته بدور مهم في الفيلم دون إدراكه لموهبته، فمن المعروف عنه إنه لا يتنازل عن جودة أصغر التفاصيل في العمل الفني الذي يقدمه.
وما ضمن لكريم الاستمرارية، هو باقي سماته الشخصية ومن أهمها الموهبة، التي ظهرت على كريم مبكرا، وهو ما لمسناه عندما شاهدناه في طفولته من خلال خمسة أفلام، هي "انتبهوا أيها السادة"، و"البعض لا يذهب للمأذون مرتين"، و"قاتل مقتلش حد"، و"منزل العائلة المسمومة" للمخرج محمد عبد العزيز، إضافة لفيلم "المشبوه" للمخرج سمير سيف، وقد علق بذهن الجمهور نظرا لموهبته وخفة دمه وما يتمتع به من قبول وجاذبية، ومنحته هذه المشاركات، سمة ثالثة وهي خبرة مواجهة الكاميرا منذ الصغر.
السمة الرابعة التي تمتع بها كريم هي الدراسة، فقد درس الإخراج في معهد السينما، ومن المعروف أن المخرج هو المسئول والمدير لكل عناصر العمل السينمائي بما فيها التمثيل، وهو ما ساعده بشدة بعد ذلك عندما احترف التمثيل.
أما السمة الخامسة والهامة، فهي تمتعه بالذكاء الذي منحه القدرة علي اختيار أعماله، وعدم الانحصار في أدوار الشاب خفيف الدم، الذي يتميز بالشهامة، والتي حقق فيها تميزا كبيرا، ومن المعروف في السينما المصرية الاستسهال في توظيف الممثلين، فإذا نجح ممثل في نوعية معينة يتم حصره في نفس النوعية.
لكن كريم عبد العزيز لم يستسلم لهذا الاستسهال، وتمرد على الأدوار الكوميدية ودور الشاب الوسيم الأصيل خفيف الدم، وحرص على تنوع أدواره حتي لو كان الثمن هو توقفه فترة عن التمثيل، ولم تغره البطولات، وانتظر حتى تأتيه الأدوار التي يستطيع من خلالها التنوع.
فبعد أن قدم "عبود علي الحدود"، مع المخرج شريف عرفة، و"ليه خلتني أحبك"، مع ساندرا نشأت، التي قدم معها أيضا "حرامية في كي جي تو" و"حرامية في تايلاند"، و"أبو علي"، مع أحمد نادر جلال وكلها أعمال كوميدية نجحت نجاحا كبيرا لم يغره النجاح، وقرر تقديم أدوار مختلفة في "خارج على القانون" مع احمد نادر جلال، ثم "ولاد العم"، مع شريف عرفة، قبل ان يعود للكوميديا في فيلم "فاصل ونعود" لأحمد نادر جلال، وبعده قدم فيلم "الفيل الأزرق" مع مروان حامد، والذي مثل نقلة شديدة الأهمية والتميز في مسيرة كريم عبد العزيز، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا، وهو ما تكرر في الجزء الثاني من الفيلم، وكان آخر أعماله المعروضة كوميديا أيضا وهو "البعض لا يذهب للمأذون مرتين"، ومن المنتظر عرض فيلم "كيرة والجن" الذي ظهر كريم بسببه مطلقا شاربه اثناء تكريمه، مما يؤكد حرصه على تقديم شخصيات متنوعة ومختلفة نجح تماما في تجسيدها، ولأنه ذكي فإنه كان يحترم التخصص، ويعلم أنه سر نجاح أي عمل، فرغم دراسته للإخراج، لم نسمع يوما أنه تدخل في عمل المخرج ويحترم دائما قيادته للعمل.
ذكاء كريم عبد العزيز أيضا ساعده في الحفاظ على نجوميته، بعيدا عن "التريند" وصراعات مواقع التواصل الاجتماعي، فهو يتواجد بأعماله، وليس بتصريح غريب، أو بأسطول سيارات أو طائرة خاصة، فقد اختار الانتشار كفنان وليس كشخصية مثيرة للجدل.
كل هذه السمات ساعدت في تشكيل نجومية كريم عبد العزيز، وجعلته يستحق التكريم عن جدارة واستحقاق.