"مدرسة التمثيل".. محطات فنية في حياة الراحل جلال الشرقاوي
فقدت مصر، المخرج الكبير جلال الشرقاوي، الذي يعد واحدًا من كبار القامات الفنية في مصر والوطن العربي، فهو صاحب مدرسة مميزة في الفن وخاصة المسرح، وكان له دورًا كبيرًا في اكتشاف العديد من النجوم.
وكانت من أبرز أعماله الفنية في المسرح "أنت قتلت الوحش، شهر زاد، عفاريت مصر الجديدة، ملك الشحاتين، عطية الإرهابية، مدرسة المشاغبين".وبالرغم من أن جلال الشرقاوي يعد واحدًا من رواد المسرح المصري والعربي، إلا أن كان له العديد من التجارب المميزة في السينما.
كانت أولى تجارب الراحل السينمائية في منتصف الستينيات، حيث قدم فيلم "أرملة وثلاث بنات"، مع النجمة المصرية القديرة أمينة رزق، ثم قدم فيلم "العيب"، بطولة رشدي أباظة ولبني عبد العزيز، ثم "الناس اللي جوه"، بطولة يحيي شاهين، وكانت آخر تجاربه في عالم السينما من خلال فيلم "أعظم طفل في العالم"، مع الفنان الراحل رشدي أباظة.
تجربة التمثيل
شارك المخرج جلال الشرقاوي، في عدة أعمال فنية كممثل وليس مخرجا، فظهر تألقه بالتمثيل بجانب الإخراج، وكانت من أهم الأعمال التي شارك فيها كممثل هي مسلسل "ملحمة الحب والرحيل في الأردن، ومسلسل "المفسدون في الأرض"، وهو مسلسل تاريخي عربي مشترك من إنتاج العام 1973 بمشاركة مصر وليبيا وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين وتونس.
وفي السينما شارك الزعيم عادل إمام، في فيلم خلي بالك من عقلك"، وفيلم "موعد مع القدر"، مع الفنانة نبيلة عبيد.
رحلته الفنية
ولد المخرج المصري، جلال الشرقاوي يوم 14 يونيو في عام 1934 في مدينة القاهرة، لأسرة متوسطة الحال، وحصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة سنة 1954 ودبلوم خاص تربية وعلم النفس من جامعة عين شمس 1955 في القاهرة.
وقرر جلال الشرقاوي الإنضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، فحصل على البكالوريوس بتقدير امتياز عام 1958، وبسبب حبه لمجال الإخراج، قرر أن يتخصص فيه ويحترفه، فسافر إلى فرنسا لكي يتعلمه وحصل على دبلوم إخراج من معهد (جوليان بريتو) للدراما في فرنسا عام 1960، كما حصل أيضًا على دبلومة إخراج من المعهد العالي للدراسات السينمائية من فرنسا.عودته لوطنه
وعاد جلال الشرقاوي إلى القاهرة وعمل في بداية حياته كمدرس للعلوم عندما لم يجد وظيفة في الفن، ثم عمل في الفن بعد ذلك وفي خلال مشواره الفني شغل عدة وظائف منها مدرس التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1962، ومديرًا للمسرح الكبير مسرح توفيق الحكيم، عام 1967، وأستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية ثم رئيسًا لقسم التمثيل والإخراج عام 1975، وعميدًا المعهد العالي للفنون المسرحية عامي 1975، 1979.
الديكتاتورية
ووُصف المخرج الراحل بالديكتاتور بسبب شدته في الوسط الفني، وكشف جلال الشرقاوي عن ذلك خلال تصريحات تليفزيونية له، حيث قال "يتردد عني في الوسط الفني أني ديكتاتور.. وهذا لأني أتبع أسلوب ديمقراطية الحوار وديكتاتورية التنفيذ، فأنا رجل منضبط وملتزم، وأُفرق ما بين الوقت الجاد ووقت اللهو واللعب".
وتابع الشرقاوي: "الفن بالنسبة لي نظام، والفرق بينه وبين الطبيعة أنها تُعد فوضى بعكس الفن الذي يُعد نظام، فالنظام والفن توأمان، وهناك مثل يقول (النظام هو روح أو عطر العمل الفني)".
واختتم حديثه: "هناك فوضى في العمل الفني، فالمسألة عندنا (يلا نمثل) بمعنى المسرحية التليفزيونية أو المسلسل التليفزيوني أو البرنامج التليفزيوني، أصبح سلعة مستهلكة مثل رغيف العيش، ويحتاج إنتاج جديد باستمرار".
وتابع "ومثل ما في سينما المقاولات أيضًا هناك مسرح المقاولات..بعض الأفراد جالسين على قهوة ويكتبوا ورقتين ويجمعوا اثنين ممثلين أو أربعة ويعطوهم فلوس كثيرة، ويعملوا بروفة مرة واحدة وهما واقفين على المسرح، ويصوروا الرواية وهما لا يعرفون مايقولوه.. والوسط الفني يعلم هذا الكلام".
الهجوم على محمد رمضان
هاجم الراحل جلال الشرقاوي، الفنان محمد رمضان، حيث وصف الفن الذي يُقدمه "رمضان" بـ "المسيء" للمجتمع، وقدوة سيئة للشباب.
وقال "الشرقاوي"، خلال ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية للمسرح، "إن الأجيال الجديد تُقلد ما يُقدمه "رمضان" في أعماله السينمائية والدرامية، من قتل وعنف والدم، وهذا يعد نوعًا من الإرهاب".
وطالب جلال الشرقاوي، الفنان محمد رمضان، بتوظيف شعبيته في خدمة الناس، بعيدًا عن القتل والدم والمخدرات، لا سيما وأن هناك الكثير من الموضوعات الوارد تقديمها.
كورونا تنتصر
وكان قد أعلن تامر الشرقاوي، ابن المخرج الراحل جلال الشرقاوي، إن والده المخرج جلال الشرقاوي أصيب بفيروس كورونا، وذلك خلال تصريحات تليفزيونية له.
وكشف حالة والده: قائلًا "المخرج جلال الشرقاوي كان يعاني من نقص الإكسجين وانخفض إلى أقل من 80%، وبدأ الآن يتحسن والحالة متوسطة الخطورة وندعى الله الشفاء ولكن الرئتين فيهم مشاكل وهو في العناية المركزة ومعزول تماما".
وبعد أيام قليلة من إعلان إصابته بالفيروس، يرحل المخرج المصري الكبير عن عالمنا، تاركًا خلفه مشوار فني مميز وتاريخ حافل بالأعمال مابين الدراما والمسرح والتلفزيون.
ونعى المسرح القومى بقيادة الفنان إيهاب فهمي وفرقة المسرح القومى فنانين وفنيين وادارين ببالغ الحزن والأسى المخرج الكبير ومعلم الأجيال جلال الشرقاوي.
وكتب المسرح القومي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، "المخرج الراحل جلال الشرقاوي قدم حياة حافلة بالأعمال الفنية التي ستبقى خالدة في ذاكرة مصر والوطن العربي".