طارق الشناوي يكتب: "متلازمة الطابور"!!
جزء كبير من قراراتنا حتى ما يمكن أن نُطلق عليها مصيرية، في حقيقتها صدى (للتريند)، البعض يقول (السوشيال ميديا) تعبر عن الرأى العالمى، ولا يمكن لإنسان عاقل تجاهل صوت الجماهير.
سوف ألغى تماما ما نعرفه عن ظاهرة الذباب الإلكترونى التي تتيح للبعض أن يتباهى بعدد 2 مليار من المشاهدة، حققها في دقائق، ورغم أن المصنف الفنى باللغة العربية، التي لا يزيد عدد من يتعاطونها على 400 مليون، سوف أقفز فوق هذا الحاجز وأعتبرها 2 مليار، فهل هي حقا صدى صادق لتوجه الكتلة الأكبر من الناس؟.
دعونا نتناول الرقم بعيدا عن أي مؤثر خارجى محتمل، وأسأل: هل الرقم فعلا يعبر عن إرادة الرأى العام، وتلك هي قناعة الناس، أم أنها صدى لما أطلق أنا عليه مسمى (متلازمة الطابور)، تابع ما يجرى أمام شباك التذاكر في دور العرض متعددة الشاشات، سوف تجد غالبا طابورا طويلا يزداد طولا مع الزمن، بينما بجواره طوابير صغيرة تزداد انكماشا، بعد قليل لن يتبقى سوى هذا الطابور، ولو سألت أحدهم لماذا هذا الفيلم تحديدا؟، لن يقول لك مثلا قرأت عنه كلاما إيجابيا أو لأننى أحب هذا النجم أو تلك النجمة، لا شىء أبدا يدخل في إطار التقييم الموضوعى، هناك العدوى الجماعية، ما دام كل هؤلاء ذهبوا لهذا الاتجاه، إذن فهو الصحيح.
نختار عادة الطابور الأطول، فكيف نختار آراءنا؟، اكتب على صفحتك رأيا حادا وصاخبا ومتطرفا ضد فلان أو فلانة، خاصة عندما يتعلق الرأى بالدين أو الجنس أو السمعة، دائما الرأى السلبى ضد المشاهير يؤدى إلى الرواج، ستكتشف أن الكل يؤيدك وهاتك يا (لايك)، وبعضهم لا يدرى بالضبط ما هي حقيقة الحكاية، ما دام هناك زوبعة مثارة، فلن يسمعك أحد، الكل سوف يذهب للصوت الزاعق، وكلما ازدادت نبرة الصوت حدة، ستجد من يؤيدك، بل ربما يزايد عليك، إذا استشعرت أنك في معركة مثلا للدفاع عن دينك لو كنت مسلما، فلا تعتقد فقط أن دائرتك هم المسلمون، ستجد أن هناك من المسيحيين من يؤيدونك، وهكذا يأتى تأييد البعض كنوع من الضربات المسبقة للدفاع عن النفس.
الديانة الإسلامية لا ترحب بتجسيد الأنبياء، ولهذا ترفض تجسيد سيدنا عيسى (عليه الصلاة والسلام)، أتذكر أن الكاتب الراحل فايز غالى تقدم بسيناريو عن رحلة العائلة المقدسة لكل من مؤسسة الأزهر الشريف وللكنيسة المقدسة، وجاء الرفض مزدوجا، فهم لا يرحبون بالتجسيد لا الأزهر ولا الكنيسة، رغم أن الديانة المسيحية لا تحرم التجسيد.
البعض لديه قناعة بأن هناك حربا كونية على الإسلام، ولم نسأل لماذا قرر العالم كله تحديد ساعة الصفر، ويأتى رد الفعل بأن نزداد تمسكا بقشور الإسلام، وليس حقيقته وجوهره.
المعركة تبدأ من كلمة أو رأى نستمع إليه، ولم تكن المرة الأولى التي نتابع فيها رأيا عن حقيقة معجزة الإسراء والمعراج، كانت بالروح أم بالجسد؟، هذه المرة جاء الغضب من (تريند) نجحوا في تصديره، وبعدها فتحت أبواب الجحيم، تحقيقات على كل المستويات، وفى أكثر من اتجاه، حتى من لديه خصومة شخصية وجدها فرصة لتصفية الحساب لأنه يتحرك تحت مظلة (متلازمة الطابور).
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).