طارق الشناوي يكتب: فريد شوقى يغازل فريال صالح!!
تستطيع أن تقرأ المجتمع من خلال بعض التفاصيل، وتكتشف كيف كان المصريون قبل بضعة عقود من الزمان أكثر تسامحا مع الآخر ويمتلكون فيضًا لا ينتهى من روح الدعابة، إذا لم يبادر ابن البلد بإطلاق نكتة أو قفشة فإنه أبدا لا يستهجنها.
تابع فقط لقاءين تليفزيونيين، للملك، كما كانوا يطلقون عليه أقصد طبعا فريد شوقى، اللقاء الأول فى النصف الثانى من السبعينيات والثانى بعدها بعشر سنوات، الأول مع ليلى رستم، والثانى مع فريال صالح.
فى البرنامج الأول سألته ليلى ماذا عن شرب الخمر؟ أجابها نعم أشربها، ولكن ليس أثناء العمل، يجب أن أصل للاستوديو فى حالة يقظة تامة، كان فريد شوقى يذهب كل يوم جمعة مرتديا الجلباب والطاقية وفى يده السبحة، إلى الجامع القريب من الفيلا التى يقطن بها فى حى (العجوزة)، وكانت الجماهير تطلق على الجامع ولاتزال اسم (فريد شوقى)، والمفارقة بالقرب من الجامع يقطن أحد أساطين قراء القرآن الكريم، الشيخ محمود خليل الحصرى- والد ياسمين الخيام- ورغم ذلك ظل الجامع لصيقا باسم فريد، وكان يأتيه عشرات من المعجبين من مختلف المحافظات لرؤية الملك.
هل تأثرت شعبية فريد عندما عرف الجميع أنه يحتسى الخمر؟ أبدا خاصة بعد تأكيده أنه يذهب الاستوديو يقظا.
هل يجرؤ اليوم أى فنان أن يفعلها، وإذا أعلنها هل يسلم من الطعنات؟ أنا وأنت نعرف الإجابة.
هل تعتقد أن هذا التصريح من الممكن تداوله ببساطة؟ سيعتبره البعض بمثابة دعوى لتعاطى الخمور، ولهذا يسارع بمنعه، رغم أنك لو عدت لعشرات من أفلام الأبيض والأسود والتى كانت تتناول أحداثها الطبقة المتوسطة ستجد فى الشقة «بار».
هل حقا ساهم ذلك فى زيادة معدلات التعاطى بين الشباب؟ أستطيع أن أقول لكم بضمير مستريح لا، إنه مثل زجاجة الخمر المكسورة قاعدتها وتعودنا أن الشرير يمسكها فى الكباريه مهددا الراقصة، وقد يشوهها أو يقتلها، هل انتقلت تلك الجريمة للواقع؟.
المجتمع تقبل ببساطة حوار فريد شوقى مع ليلى رستم، مثلما ضحك بعدها بعشر سنوات مع فريد شوقى أيضا عندما سألته فريال صالح؟ هل تحب النساء؟ أجابها أحب كل الجميلات، وأنت أولهن، ردت فريال لن أحذفها فى المونتاج.
كانت وقتها فريال متزوجة من الكاتب الساخر الكبير فايز حلاوة، ولم يحدث أن اعتبرتها الصحافة مادة للتهكم والبكاء على الأخلاقيات، وتساءلوا كيف يقبل رجل مغازلة زوجته على الملأ، وكيف وافقت مذيعة مخضرمة على تحطيم قواعد الإعلام، ستظهر مليون كيف ولماذا، الجميع تعامل معها باعتبارها قفشة خفيفة الظل من الملك، وأولهم فايز حلاوة. عندما سأل عمرو أديب نجم الكرة محمد صلاح عن تعاطيه الخمور؟ أجابه أنه لا يحبها، اعتبرها البعض إجابة دبلوماسية خجولة ينقصها الشجاعة وأن عليه أن يعلنها صريحة مجلجلة، لا أشربها لأنها حرام، هذه هى الإجابة المعتمدة، إلا أن صلاح كان قد تسلح بالثقافة، فهو يعلم أن دينه يحرمها وربما أديان وثقافات أخرى لا تحبذها، إلا أن من حق كل إنسان أن يختار طريقه وأسلوبه فى ممارسة حياته.
أن نُطل على الناس من خلال قناعاتهم وأفكارهم ولا نحاكمهم بمقياسنا، تلك هى الثقافة المفقودة.
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).