الحلقة الأولى من مسلسل "انحراف" تغوص في النفس البشرية وخطاياها
دارت أحداث مسلسل "انحراف" الحلقة الأولى حول الغوص في النفس البشرية، وخطاياها التي تحاول روجينا إخفاءها دائمًا من البداية، لترتسم صورة مثالية أمام الأخرين الدكتورة حور بدت كشخصية مركبة متناقضة لا تسمع إلا لصوت ضميرها المنحرف تعالج المرضي النفسيين وهى في أشد الحاجة للعلاج، واقعيا ما يقدمه المسلسل موجود بالفعل، شخصية عامة، تدعي المثالية ويصدقها كثيرون، لها جمهور يشاهدها على الشاشات، يؤمن بأفكارها المعلنة، ويراها عنوانا للتغيير، بينما الحقيقة أن هذه السيدة تحمل الكثير من التناقضات.
وعلى هذا الخط الدرامى الخط، سارت روجينا، التى أبدعت في تقديم دورها، في مسلسل «انحراف»، ونجحت فى الوصول إلى عمق الشخصية لتوضح فكرة التناقض والصراع الداخلي،.. فنرى التناقض في السلوكيات وقد جدد هذا الأداء في المسلسل الذي أثبت فيه قدرتها على التلون وتقمص الحالة، لتأخذ الجمهور معها في رحلة عميقة، حيث حبكة العمل المثيرة من بدايتها صيغت بطريقة مشوقة، تكتم بداخله سرا ما وتجيد إخفاءه، ولكن تتلاقى الخطوط والحكايات في مصير واحد وتفوقت روجينا على نفسها فى ايصال الفكرة وتجسيد الشخصية بكل ابعادها وخلفياتها إلى المشاهدين.
واستطاعت ربط هذه الشخصية مع المحيط العام للمسلسل، وأعتقد أن العامل الأهم للنجاح هو المخرج رؤوف عبد العزيز الذى نجح في الحفاظ على الإيقاع السريع في غالبية المشاهد، إيقاع منسجم في الإخراج وإدارة جيدة للممثلين وإدارة جيدة للكاميرا ايضا، حقيقى هو قائد فى اللوكيشن مسيطر على أدواته الفنية من خلف الكاميرا ويوجه الدراما والممثلين للمسار الصحيح.
ويتعمد الخط الدرامى فى المسلسل أن يظهر العنف والشر فى شخصيتها مبررا بشكل قوي، حيث جاء نتيجة تراكمات فى تكوين شخصيتها غير السوية بل قدم العمل طاقات تمثيلة أخرى أبدعت بل نافست روجينا فى مستوى الآداء، والتفاصيل الإبداعية فى توصيل الشخصية.
مسلسل اكثر من رائع وبداية موفقة روجينا تمردت علي ادوارها النمطية السابقة، والرائع المتألق أحمد فؤاد سليم أثبت أنه فنان عملاق جدًا، كل التحية والتقدير لكل من ساهم فى العمل بهذا الشكل الرائع، شابوووه رؤوف عبدالعزيز
قدم السيناريو شخصية واقعية جدًا في المجتمع، بشكل جديد في المعالجة الدرامية وبدا غير تقليدى في تركيبته، وكان اعتماد السيناريو بشكل كبير على الايحاءات والتعبير بالصورة في توصيل أفكار المسلسل، الحوار سيناريو يتصف بأنه جريء ومثير، مع وجود مبررات ودوافع لتصرفات الشخصية، حيث لم يتوقف بالتأمل والتحليل فقط بل وفق بالدخول في أعماق الشخصية ودراسة انفعالاتها وتحليلها نفسيًا واجتماعيا، لذلك بدت ردود أفعالها وتصرفاتها منطقية ومقنعة مع غموضها وغرابتها.
إن المخرج رؤوف عبد العزيز، يقدم في (انحراف) دراما نفسية من الدرجة الأولى، نجح من البداية في الاحتفاظ بعنصر التشويق والغموض والتوتر في بناء الأحداث.. اضاف الكثير من التشويق والإثارة والحركة التى تشد المشاهد، المسلسل منذ البداية ظهر قوى ومترابط وسريع الإيقاع، الشخصيات فيه مدروسة بعناية تنطق بحوار مركز وموضوع ببساطة ليس فيه أي تطويل أو حشو المشاهد تمتاز بكادرات رائعة تصوير جميلة وقوية، خصوصًا مشاهد الحركة، والتي تدل على مقدرة حقيقية للمخرج رؤوف عبد العزيز في ترجمة الفكرة المكتوبة ونجح بالسرد البصرى ان يعبر عن الاحداث وأن يقول الكثير ويسلط الضوء على موضوع نفسى دون الحاجة إلى الصراخ أو المباشرة.
المسلسل متقن جدًا، رؤوف عبد العزيز نجح بامتياز في صنعته الفنية والتقنية وخلق جو من الاثارة والغموض فى بناء الأحداث هذا إضافة إلى أنه تميز بإيقاع سريع وحيوي. تصوير ولقطات وزوايا تصوير مدروسة بعناية، وإضاءة درامية موفقة، مع وجود تعبير بصرى وتكوينات جمالية للكادرات بالاضافة إلى التميز فني في مونتاج متناسب وإيقاع الحدث متماشىى مع جو الاثارة الميلودرامي للمسلسل أما الموسيقى التصويرية كانت متميزة جدًا، ومنسجمة مع الأحداث بشكل كبير فى نطاق السيناريو.
استطاعت الحلقة الأولى من مسلسل "انحراف" بوتيرة أحداثه السريعة وايقاعة السلس أن يحقق عناصر الجذب للجمهور بشكل كبير.