رمضان زمان.. كواليس مسلسل "ألف ليلة وليلة" طاهر أبو فاشة استقاها من حواديت جدته

صوت رخيم ينطلق من حنجرة فريدة، يعلو فتصغى الآذان، ويخفت فتخفق القلوب شغفًا، وما إن يردد "بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد" حتى يبحر المستمعون في رحلات ويحلقوا في الآفاق وينسجوا بخيالهم قصصًا وحكايات أسطورية، صراعات بين الخير والشر، تأسر القلوب، وتزيد متعة الشهر الكريم.

ارتبط شهر رمضان في ذهن الجمهور العربي بصوت الفنانة الكبيرة زوزو نبيل، من خلال شخصية "شهرزاد" التي كانت تقدمها خلال مسلسل " ألف ليلة وليلة " فقد حفرت بصوتها حب "ألف ليلة وليلة" في قلوب مستمعيها، فكانت هي أول شهرزاد لألف ليلة وليلة، وكان يلعب أمامها دور شهريار عبد الرحيم الزرقاني، الذي كتبه طاهر أبو فاشة، وأذيع المسلسل في ستينيات القرن الماضي، وامتاز بموسيقاه الكلاسيكية التي أصبحت ماركة مسجلة لهذا العصر، ولأى مشهد يجمع بين شهريار وشهرزاد.

روت زوزو نبيل، كواليس المسلسل الإذاعي "ألف ليلة وليلة"، وقالت إن هناك فرق بين شخصية شهرزاد الإذاعية وشهرزاد التي تعرض على التليفزيون، وأن الفرق الوحيد فقط هو خيال الراديو، الذى يعتمد على الموسيقى والمؤثرات الصوتية.

كتب طاهر أبو فاشة، ما يقرب من 800 حلقة من مسلسل "ألف ليلة وليلة، للإذاعة المصرية، وكان من بينها ما يقرب من 30 إلى 40 حلقة منقولة من العمل التراثي الأصلي لألف ليلة وليلة، وباقي الـ 800 استقاها من حواديت جدته وما كان يعرفه في التراث وما كان يعرفه من الكتب الأخرى.

وقال "أبو فاشة" في لقاء تليفزيوني مع الراحل فاروق شوشة: "إذا لم يكن شيء من التراث، فبركت من عندي ثم أضع فيه الجن وما إلى ذلك فتشعر وكأنك في خان الخليلي، وأهم م ساعد على نجاح ألف ليلة وليلة الإخراج الجيد، فقد جعل الف ليلة وليلة تشد الناس شدًا عنيفًا".

ورأى أبو فاشة، أن شهر زاد كانت محظوظة في الإذاعة أكثر من التلفزيون، وذلك لأنها كانت تبدأ بتقديم الراوي لها في البداية بكلمات شعرية تعطي للمستمع صورة لها قبل ظهورها، وهذا غير موجود بالتلفزيون.

وصرحت هالة منصور صالح، الحفيدة الكبرى للفنانة زوزو نبيل: "بدأت تقديمها في الإذاعة عام 1955، وقتها كانت والدتي حاملًا في لذا ظلت تقول لي انت طول عمرك وش السعد عليا".

وأضافت: "كانت تدون في أوراق وكراسات تفاصيل دورها وتذاكر الشخصية جيدًا، نجاح المسلسل يرجع أولًا لأداء "ماما زوزو" وزملائها من الفنانين العظماء، حسب «هالة»، فلا يمكن أن ننسى صوت القدير عبدالرحيم الزرقاني، والكاتب العبقري طاهر أبو فاشة، والمخرج المبدع محمد محمود شعبان "بابا شارو".

وتابعت: "أداء "ماما زوزو" لدورها في "ألف ليلة وليلة" لم يتغير في التليفزيون عنه في الإذاعة، نفس الشخصية والصوت والإتقان وحب واحترام العمل، لكنها ترى في كل وسيلة عرض مقومات ساهمت في نجاح العمل".

واختتمت: "المؤثرات الصوتية في الإذاعة كانت تجعل المستمع هو المؤلف للخيال، يتخيل شخصية شهرزاد وقوتها وتأثيرها على شهريار، أما في التليفزيون فساعدت الصورة المبهرة على جذب المشاهد، خاصة أن ماما زوزو كانت تختار الملابس والإكسسوارات المناسبة بنفسها، وتقوم بتفصيل بعضها بناء على تصور في ذهنها، ولا تعتمد على ملابس التليفزيون، المقومات الشخصية لماما زوزو جعلتها أفضل مَن قدَّم ألف ليلة وليلة، فهي تعيش الدور بكل وجدانها، ومشاركتها للفنانة شريهان عام 1987 في حكاية "مشكاح وريما" أسعدتها كثيرًا، وكان هذا الدور قريبًا لقلبها من بين مواسم المسلسل المختلفة".

زوزو نبيل أشهر "شهرزاد" والأقرب لقلب مستمعي ومشاهدي البرنامج الرمضاني "ألف ليلة وليلة"، نجحت على مدار ٢٦ عامًا في تقديم المسلسل الأسطوري في الإذاعة، بداية من منتصف الخمسينات، ثم قدمته على شاشة التليفزيون في الثمانينات من القرن الماضي، ورغم خوض ممثلات كثيرات للتجربة، ظلت زوزو نبيل، الأصل والأساس.