طارق الشناوي يكتب: "المحلل الشرعي" من الذي شرعنه؟!
من هو المجرم الحقيقى وراء (المحلل الشرعى) الزائف الذي أشعل الفضائيات بعد أن كتب على صفحته أنه تزوج 33 مرة؟.. أقسم أمام الكاميرات أنه فعلها مجانا ولوجه الله والوطن والمجتمع والناس ولحماية البيوت من الخراب.
الحكاية مثيرة جداً (سبياسى) تجمع بين الدين وخطوط التماس مع الفحولة الجنسية، التي تجعل «أخينا» ينتقل في غضون سنوات قليلة بين كل هذا العدد الضخم من النساء.. وفى العادة، فإن الصورة الذهنية الراسخة تحيلهن إلى توليفة تجمع بين الثراء والجمال، ستتذكر على الفور ليلى مراد وصباح وليلى علوى أشهر من لعبن هذه الأدوار على الشاشة.
القضية تتداولها المحاكم قبل عام، وغالبا سيصدر حكم بالسجن ضد المنتحل، لأنه أشاع عن نفسه كذبًا أنه محلل.
من الذي منح الحكاية كل هذه المصداقية؟ إنها الفضائيات والصحافة عندما تناقلوا الخبر لطرافته، ودون بحث عن مصداقيته.. ولأنه يمس الشريعة، فقد كانت الفرصة مهيأة لأخذ رأى رجال الدين عن الشروط الشرعية للمحلل، وكلهم أجمعوا على أن هذا النوع باطل، لأنه زواج على ورقة طلاق وبغرض محدد ولمدة محددة، وقبل كل ذلك لأنه مقابل أجر، وهو بالمناسبة ما نفاه تماما (المحلل) المذكور.
هذا الموقف شاهدناه أكثر من مرة مع أنور وجدى في الأربعينيات (طلاق سعاد هانم)، وتعددت الأفلام في الستينيات فريد شوقى (جوز مراتى)، ثم في الثمانينيات (زوج تحت الطلب) ومسرحية (الواد سيد الشغال) لعادل إمام.. الخط العام أن المحلل، وهو غالبا فقير يسترزق بهذه الزيجة السريعة، يثبت ليلة الدخلة كفاءة تجعل المؤقت دائما.
واقعيًا، المطرب القديم فايد محمد فايد تزوج 38 مرة، أشهرهن المطربة أسمهان، عندما التقيت به نهاية الثمانينيات أنكر تماما قيامه بدور (المحلل)، وفى نفس الوقت أكد أن هذا العدد الضخم فقط للزيجات الشرعية ولا يشمل العرفية، وحكى لى أنه يقع في الحب سريعا ولهذا يتزوج كثيرا، ولم يجمع أبدا بأكثر من أربع زوجات، ومن أطرف الحكايات أنه دُعى لإحياء فرح، وأثناء التفاوض على الأجر حدث استلطاف بينه وبين العروس، فتركت عريسها وتزوجته، وبالطبع أحيا ليلة زفافه بالغناء مجانا. (المحلل) شخصية جاذبة للميديا، ولهذا تهافتت عليه الفضائيات، وكان يحصل على أجر مجزٍ لتلك المقابلات، أحيانا ألاحظ تهافت (الميديا) على حكايات غير منطقية، مثل من أطلقوا عليه يوما (شبيه رشدى أباظة)، ولا يوجد أصلا وجه شبه.. رددوا كذبة وصدقوها، وشغلت مساحة في العديد من الفضائيات ثم يقلبون الصفحة لنرى الممثلة التي عرفناها كطفلة موهوبة تتحول إلى (تريند) هي وخطيبها عندما يرفض إكمال الزواج رغم تحفظها على أداء أي مشاهد عاطفية، إلا أنه كان يرى أن اعتزالها الفن شرط لا يمكن التراجع عنه، ويصبحان (تريند). كثيرا ما أصاب بقدر من الذهول أمام خبر متداول عبر عقد من الزمان عن اقتراب زواج مذيع ومذيعة.. لا أتذكر لهما بالمناسبة أي برنامج، وبعد أن يعلنا للناس الموعد يتحولان إلى (تريند)، وعندما يعلنان التأجيل يصبحان أيضا (تريند).
المطرب الأردنى الشاب الذي أعلن اعتزاله لأنه يرى الفن حرام صار (تريند)، رغم أنهم لم يرددوا له أي أغنية.. والمطرب الآخر الذي أعلن ندمه على الغناء في الكباريهات وسوف ينهى حياته بتسجيل القرآن الكريم صار (تريند).
ورغم ذلك، وبدلًا من أن يحاكموا الإعلام الذي يروج للزيف ليصبح (تريند)، يحاكمون (المحلل)!.
المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).