طارق الشناوي يكتب: "الخالدان" على نار هادئة!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

أتابع الخالدَين منذ البداية، وذلك قبل نحو عشرين عامًا، وأعنى (خالد الصاوي وخالد سرحان)، في رمضان عادة ما يسرق العين ويحتل (المانشيت) نجوم العمل الذين يسبق اسمهم الجميع، ويتصدرون المشهد الدرامى والإعلامى، إلا أننى وجدت في الدور الثانى للخالدين ما يستحق أن نتوقف عنده، بعد ما قدماه بمزاج وعلى نار هادئة.

 

كان الرهان عليهما خاصة (الصاوى) كنجم شباك قادم، إلا أنه أدرك أن هذا ليس هو الهدف، والخطة (إياها) بأن يرفض النجم كل ما هو دون البطولة سوف يتحول إلى سد منيع يحول دون أن يمتلك رصيدا فنيا، ولهذا ينتقل (الصاوى) ببساطة في كل المساحات الدرامية المتاحة، البطولة المطلقة، والجماعية، والدور الثانى.

 

هذا العام أمتعنا مع (خيرت الشاطر)، في ( الاختيار)، الصورة الذهنية أنه داهية في السياسة وفى توجيه الحكم، وكان هو المرشح الأول للإخوان على مقعد الرئاسة، وبسبب ثغرة قانونية حالت دور ترشحه فتم الدفع من قبل الجماعة بالمرشح الاحتياطى محمد مرسى، ظل الشاطر هو الشخصية الأكثر إيجابية والذى يسعى للوصول لكل الأجهزة الفاعلة قبل حتى أن ينال الإخوان الحكم، صار مرسى (رئيسا لا يرأس)، والشاطر الرئيس الفعلى، القادر على وضع الخطط الشيطانية التي تدفع الوطن إلى حافة الاقتتال الداخلى، كل التسريبات التي شاهدناها تباعا تؤكد أنه الرئيس الفعلى.

 

خالد الصاوى أمسك بكل تلك التفاصيل، كان (الماكياج) الخارجى دقيقا وملما بكل التفاصيل، إلا أنه يضعه فقط على أول الطريق، أيقن الصاوى أن هذا التماثل سيسقط بعد حلقة أو اثنتين، وسوف يصبح مدعاة للسخرية وعلى الفور انتقل للوجدان، فصدقناه مع تلك الشخصية المهيمنة، خيرت هو الفاعل الحقيقى لتفاصيل العام (الكابوس) الذي حكمنا فيه الإخوان، وقدم خالد الصاوى درسا عمليا في فن التشخيص.

 

الخالد الثانى المستشار داوود شتا، الشهير بخالد سرحان، رجل قانون وصل إلى أعلى مرتبة وهو مقعد القاضى أغلب مشاهده وهو جالس على المنصة، هذه الشخصية المتعارف عليها في الدراما، وقورة طاعنة نوعا ما في العمر، ويسند عادة الدور لممثل أقرب للكومبارس (المتكلم)، ولكن ما رأيناه لأول مرة في بناء الشخصية أشار إلى تساؤلات يرددها القاضى بداخله عن الإنسان والقانون وروح القانون، وإحساسه بقدر من الظلم قد ينال الإنسان، لأن القاضى في نهاية الأمر لا يجوز له التجاوز عن تطبيق القانون، شاهدناه في بداية الحلقات يصدر قرارا بحبس (فاتن) 24 ساعة لأنها تجاوزت في حق المحكمة، إلا أن الإنسان بداخله دفعه للتراجع.

 

منذ بدايات خالد وهناك قدر من الترقب لفنان كوميدى، قدم دورا ملفتا مع عادل إمام في (السفارة في العمارة)، وعرف البطولة مرة واحدة قبل نحو 15 عاما في فيلم (الديكتاتور)، الفيلم لم يحقق أي قدر من النجاح الجماهيرى أو النقدى، إلا أننى أراه أجرأ فيلم عرض في زمن مبارك، وسخر بأسلوب خيالى من حكم مبارك والتوريث، ولا أدرى حتى الآن كيف سمحت به الرقابة، ومر دون أن يشعر به أحد؟.

 

خالد سرحان كان موقنًا أن تواجده على الخريطة لن يمنحه البطولة، إلا أنه اشتغل كثيرًا على نفسه، وفي كل رمضان لديه دور يضيف إلى رصيده، هذا العام قدم الدور الأصعب وهو أيضًا الأجمل والأعمق.. (شابو) للمستشار داوود شتا!!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).