بيت الشعر يحتفي بأبوعبيدة صديق ومحمد الحوراني ومحمد المؤيد
نظَّم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة أمس الثلاثاء أمسية شعرية، ضمن نشاط منتدى الثلاثاء، حضرها جمهورٌ حاشدٌ امتلأت به ساحة البيت، للشعراء: د. أبوعبيدة صديق من مصر، د. محمد الحوراني من الأردن، ومحمد المؤيد مجذوب من السودان، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي.
إثراء المشهد الشعري وسط جمهور كبير
وقدمها الأستاذ محمود شردي، الذي أشاد بدور بيت الشعر في إثراء المشهد الشعري عبر إقامة الأمسيات والنشاطات التي تعكس اهتمام البيت بتقديم الجديد والمختلف، وجذب صدى الأمسيات جمهورا كبيرا امتلأت به ساحة البيت، ضم جمعا من الشعراء والمثقفين والإعلاميين، ومحبي الشعر.
تنوع الأشعار
وتنوعت اشتغالات الشعراء على عدة مواضيع أبرزها شرف نيل الشهادة في سبيل الوطن، وما يحيطها من قيم سامية، والإشادة بدور المعلمين المشرق في سماء الإنسانية، كما تفجرت الأنهار قوافيا من إبداع وجمال، وحضر الشعر الوجداني بتجلياته المتنوعة مروِّحًا عن القلوب ومخففا لقسوة الحياة، وذلك في لغة شعرية غنية وعالية، أطلق الشعراء عبرها نوارس أخيلتهم في فضاءات القصيد.
الشاعر أبوعبيدة صديق
ابتدأ القراءات الشاعر د. أبوعبيدة صديق بفتح أبواب محبة تحفها التقوى، حيث لقاء المحبوب وراحة القلوب، يقول:
قف حيث شئت ترانيمٌ وأقداحُ
طعم المحبة إن ذقناه فضَاحُ
لا يسلم المرء من قدر يلاحقه
كل المقادير عند الوصل أفراحُ
لي في المحبة بابٌ حين تفتحُه
يد الحبيب، وجيبُ القلب يرتاحُ
بابٌ ومن شجر التقوى قوائمه
وكل قفلٍ عليه.. فيه مفتاحُ
ثم تغنى بدور المعلم المضيء، في قصيدة جارى بها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي الخالدة التي تشيد بدور المعلم وتدعو لاحترام ما يقوم به من بذل وعطاء، يقول:
هل أتعبوكَ أم الطريق طويلُ
أم أن ما تعطيه بعدُ قليلُ
لو أنها منذُ البدايةِ أوضحت
ما كان يجمعنا الغداة سبيلُ
ثم شدا للنيل والحب في نصوص عذبة اللغة تغرف من بحور السهل الممتنع، وتشف عن شاعر مطبوع مخلص للشعر.
الشاعر محمد الحوراني
تلاه الشاعر محمد الحوراني الذي افتتح بقصيدة محملة بالدلالات اللفظية والمعنوية بعنوان "الظل"، تشظت فيها الذات بين الغربة والمنفى، وترمز بالظل للوطن/الذكريات/ والأحباب، يقول:
غادرتُ مملكتي.. وهناك ظلّي
لم يزل يرنو إلى لقيايَ
لكنّي عزفتُ عنِ الرجوعِ المرّ..
حين رأيتً أنّ المدَّ متّصلُ..
وأنّ الوصلَ.. لا يصلُ..
ثم غالب ظنونه وهو يعبر نحو ذاته ليصل، في محاولة للبحث عنها مرتقيا فضاءات القصيد، يقول:
أغالب ظني، وأعبر
نحو الطريق المؤدي إليّ
وأعرف أني إذا ما تراءى المسار
أسير إلى مرتقى أزليّ
أغالب ظني وأسبر هذا الفضاء
المؤجل في البحث عني
ثم قرأ نصوصا استلهمت التراث، وأثارت الأسئلة الجدلية والوجودية، نالت الإعجاب والتصفيق.
الشاعر محمد المؤيد
تلاه الشاعر محمد المؤيد مجذوب الذي افتتح قراءاته بقصيدة تبرز، وتعلي قيمة الشهادة، في تصوير درامي لمشهد الشهيد المسجى في تابوته شاكرا ربه لأنه سيحتضن أرض وطنه، يقول:
طفلٌ عَلى التّابُوتِ يشكُرُ رَبّهْ
إِذ أًرضُ موطِنِه سَتَرقُدُ قُربَهْ
طِفلٌ وعلق في السماء نوارسًا
وَعَلى نَقَاءِ الحبّ أَرخَى هدبَهْ
لَو جُلتَ فِي عَينَيهِ نِصفَ دَقيقةٍ
لَرأَيتَ مَن عشِق البِلادَ تَشبّهْ
الشاعر إدريس جماع
ثم رثى شاعر السودان الراحل إدريس جماع في قصيدة أهداها إليه، شكلت لمسة وفاء من جيل لاحق لجيل سابقٍ ترك إرثا شعريا يُعد مدرسة في الشعر فنيا وإنسانيا، يقول:
ضاقَ الوعاءُ فكيف يحملُ روحا ؟
جرحٌ بجسمكَ ؟ أنتَ لستَ جريحا
من صَرخةِ الوجَع التِي أطلقتَهَا
فسمعتَ من كل الجِهاتِ فحيحا
"أنتَ السماءُ بدتْ لنا واستعصَمت"
أمّا وضوحك لايزالُ وُضوحا
قرأ بعدها نصا أعلن عبره بدايات انهزام روحه/احتماله أمام حكايات الأنهار، وارتقاء أرواح الشهداء للأعالي، محلقا بالحضور عبر جناحين من لغة وخيال، نال الاستحسان والاحتفاء.
وفي ختام الأمسية كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي المشاركين ومقدم الأمسية.