ذكري ميلاد الشيخ إمام
فى ذكرى ميلاده.. إليكم عبقريات الشيخ إمام عيسى وأبرز أعماله
فى مثل هذا اليوم وُلد الشيخ إمام عيسي، الذي يُعد واحد من أبرز رواد صناعة الموسيقي فى زمنه، وهو ملحن ومغني من الزمن الجميل أشتهر بألحانه وأغنياته التى تتناول القيم النضالية، واستطاعت ألحانه وأغانيه أن تنال إعجاب المصريين وأصبحت تتردّ بقوة بينهم، ولعل أشهرها «مصر يامّه يا بهية» و«يا مصر قومى وشدى الحيل»، و«عبدالودود» وغيرهم من الأعمال، وفى ذكراه سنرصد إليكم محطات فى حياة الراحل إمام عيسي وأبرز أعماله:-
محطات فى حياة الراحل إمام عيسي
الشيخ إمام عيسى هو مغنى وملحن مصري اشتُهر بأغانيه السياسية الناقدة وكانت أغانيه طابعة لمرحلةٍ كاملة من تاريخ مصر والعرب، ووُلد فى 2 يوليو 1918، فى قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة وكان أول من يعيش لها من الذكور حيث مات منهم قبله سبعة ثم تلاه أخ وأخت، أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد الحبيبي وفقد بصره بسبب الجهل واستعمال الوصفات البلدية في علاج عينه، قضى إمام طفولته في حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا رئيس الجمعية الشرعية بابى النمرس وكانت له ذاكرة قوية.
أراد والده أن يصبح ابنه شيخًا مهمًا، فكان يأخذه إلى الجمعية الشرعية في القرية ليحفظ القرآن، وكان لإمام ذاكرةٌ قوية وأذنٌ موسيقية حيث كان يستمتع بسماع الأناشيد في المناسبات الدينية والأهازيج في الأفراح، وأخذت الجمعية الشرعية قرارًا بالإجماع بفصله بعد أن علموا بأنه يستمع للإذاعة رغم أنه كان يستمع عبرها إلى تلاوة القرآن، وبسبب فصله فقد عنَّفه والده بشدة وطرده من القرية وحذره من العودة إليها، فلم يتمكن من حضور جنازة والدته عند وفاتها.
توالت زيارات الشيخ إمام لحى الغورية _الدرب الأحمر_ بالقاهرة، وقابل مجموعة من أهالي قريته فأقام معهم وامتهن الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، وكسائر أحداث حياته التي شكلتها الصدفة إلتقى الشيخ إمام بالشيخ درويش الحريري أحد كبار علماء الموسيقى، وأعجب به الشيخ الحريري بمجرد سماع صوته، وتولى تعليمه الموسيقى.
اصطحب الشيخ الحريري تلميذه في جلسات الإنشاد والطرب، فذاع صيته وتعرف على كبار المطربين والمقرئين، أمثال زكريا أحمد والشيخ محمود صبح، وبدأت حياة الشيخ في التحسن، وفى منتصف الثلاثينيات كان الشيخ إمام قد تعرف على الشيخ زكريا أحمد عن طريق الشيخ درويش الحريري، فلزمه واستعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة واكتشاف نقط الضعف بها، حيث كان زكريا أحمد ملولا، لا يحب الحفظ فأستمر معه إمام طويلا، وكان يحفظ ألحانه لأم كلثوم قبل أن تغنيها، وكان إمام يفاخر بهذا.
وبدأت ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم تتسرب للناس قبل أن تغنيها أم كلثوم، مثل «أهل الهوى» و«أنا في انتظارك» و«آه من لقاك في أول يوم» و«الأولة في الغرام»، فقرر الشيخ زكريا الإستغناء عن الشيخ إمام، كان لهذه الواقعة أثر في تحويل دفة حياة الشيخ إمام مرة أخرى عندما قرر تعلم العزف على العود، وبالفعل تعلم على يد كامل الحمصاني، وبدأ الشيخ إمام يفكر في التلحين حتى إنه ألف كلمات ولحنها وبدأ يبتعد عن قراءة القرآن وتحول لمغن واستبدل ملابسه الأزهرية بملابس مدنية.
إعتقال الشيخ إمام
كغيره من المصريين تأثر الشيخ إمام بالنكسة وهزيمة حرب يونيو 1967 وسادت نغمة سخرية فى بعض أغانيها مثل: «الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا - يا محلى رجعة ظباطنا من خط النار»، و«يعيش أهل بلدى وبينهم مفيش - تعارف يخلى التحالف يعيش»، و«وقعت م الجوع ومن الراحة - البقرة السمرا النطاحة».
وظل الشيخ إمام يهاجم في أغانيه الحكام والأحكام التي برئت المسئولون عن هزيمة 1967، وتم القبض عليه هو ونجم ليحاكمان بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، لكن الأمن ظل يلاحقهما ويسجل أغانيهم حتى حكم عليهما بالسجن المؤبد ليكون الشيخ أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية.
وقضى الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم الفترة من هزيمة يوليو حتى نصر أكتوبر يتنقلوا من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر وكان يغني وهو ذاهب إلى المعتقلات أغنيته المشهورة شيد قصورك ومن قضية إلى أخرى، حتى أفرج عنهم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.
في منتصف الثمانينيات تلقى الشيخ إمام دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء بعض الحفلات في فرنسا، فلاقت حفلاته إقبالًا جماهيريًا كبيرًا، وبدأ في السفر في جولة بالدول العربية والأوروبية لإقامة حفلات غنائية لاقت كلها نجاحات عظيمة، وللأسف بدأت الخلافات في هذه الفترة تدب بين ثلاثى الفرقة الشيخ إمام ونجم ومحمد على عازف الإيقاع لم تنته إلا قبل وفاة الشيخ إمام بفترة قصيرة.
الشيخ إمام ودعمه للقضية الفلسطينية
ظل إمام عيسي هو صوت الحقيقة التى تتردّ فى أذهان الشعوب العربية، واتجه فى بعض أعماله لمناصرة القضية الفلسطينية وغنى لها العديد من الأناشيد منها «يا فلسطينية» و«فلسطين دولة بناها الكفاح».
أبرز أعمال الشيح إمام
قدّم الشيخ إمام عدة أغاني خلال مشواره المهني ولعل أبرزهم: «مصر يا امه يا بهية، جيفارا، غنوة سلام، شرفت يا نيكسون بابا، فالري جيسكار دستان، بعد السلام والمرحبة، حارتنا، دور يا كلام»، كما لحن عدة أغنيات لبعض الأعمال المسرحية، منها: «مسرحيتا العقد، البانوراما».
وفاة الشيخ إمام
قضي الشيخ إمام أواخر أيامه فى عزلة واعتكاف في حجرته المتواضعة بحي الغورية ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق، حتى توفي في هدوء في 7 يونيو 1995 تاركًا وراءه أعمالًا فنية نادرة.