أحياها المتيم وعبير الديب وزكريا مصطفى.. تلوينات إبداعية تضيء بيت الشعر في الشارقة
في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء، أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية، مساء الثلاثاء 14 مايو، شارك فيها عدد من الشعراء العرب، الذين جعلوا من الشارقة مرسى لقوارب قصائدهم المبحرة بين شواطيء الجمال والإبداع.
وقد شارك في هذه الأمسية الشاعر المصري محمد المتيم، والشاعرة السورية عبير الديب، والشاعر السوداني زكريا مصطفى، وقدمتها ياسمين الترك، بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي، مدير بيت الشعر، إضافة إلى جمهور واسع ومتنوع من مختلف الفئات والاهتمامات، ضمّ شخصيات أكاديمية، وشعراء ونقادا، ومتابعين أوفياء للقصيدة، فازدحم بهم فناء بيت الشعر، وأضفى تفاعلهم الكبير حماسا على الأجواء، تاركًا ذكرى لا تنسى في قلوب الشعراء المشاركين.
وبدأت أ. ياسمين الترك تقديمها بالحديث عن الشارقة، وأثرها العميق في دعم الشّعر العربي، فقالت: "مِن أرضِ الشارقةِ التي تضوعُ شذىً..، مِن شعرِها الذي يثلجُ القلوبَ وَجْدًا وندىً، مِن طيْبِ أهلها وكَرَمِ راعِيها، وكَونها للشعر منارةً وللشعراء طريقًا وهدىً".
الشاعر محمد المتيم
وافتتحت القراءات الشعريّة، بالشاعر محمد المتيم، الذي بدأ بقصيدة "خبر الريح" التي طرحت أسئلة الشعر والشاعر، واستعرضت صورًا محمّلة بتجارب الحياة وذكرياتها، فقال:
- هناك هل تُذْرَفُ الدموعُ سُدًى؟!
- هناك يا صاحِ تُذْرَفُ المُقَلُ
ماذا تُريدُ الحياةُ من وَلَدٍ
آتٍ إليها؛ وإثمُهُ الأملُ!
يسيرُ في الناسِ لا بِمُعجِزَةٍ
ولا كتابٍ ولا خُطًى تصِلُ
لهُ عيونٌ مجامرُ اكتَحَلَتْ
سُهدًا، وقلبٌ قد مسَّهُ البلَلُ
كما قدم المتيم نصا آخر بعنوان "عن فتية ذهبوا"، اتخذ منحى وصفيا، وانسابت مفرداته عبر بين زرقة السماء واخضرار النخيل، ومما جاء فيه:
أكُلَّما اشتَعَلَتْ عينٌ على شَغَفٍ
هنالك انطَفَأَتْ عينٌ على تَلَفِ
كم من مُحِبِّينَ في شريانِهِ عبروا
مُذهَّبينَ، إذِ الحُرّاسُ من خَزَفِ
ينامُ تحتَ سماءِ اللهِ مُنكَشِفًا
وتحت بُردِ أبيهِم غيرَ مُنْكَشِفِ
شيخُ النخيلِ أبي ما انْفَكَّ مُحتَرِفًا
رقصَ النسيمِ على تَنُّورَةِ السَّعَفِ
الشاعرة عبير الديب
أما الشاعرة عبير الديب، فاختارت أن تبدأ بنصّ عن الحبّ، وأن تسرد مواجعه وأسئلته، عبر رحلة من الإضاءات على جمال مشاعره والتساؤلات حول جراح ضياعه، فقالت:
قلبي دون الحب رمية مبصرٍ
أعمى بصيرته الجفا فرماهُ
ونذرت نفسي دونه فأجابني
فبأي ذنب قد أرد نداهُ
بالله كيف أرده وأنا التي
قد كنت في هجرانهِ ألقاهُ
و أخيط ثوب الوقت من دمعٍ على
ما ضاع يومَ الحبُ ضيعناهُ
وكانت نصوص الشّاعرة في مجملها، تحمل الهمّ الذاتي للمرأة، وتتناول قضايا العاطفة، إذ قرأت نصَا ثانيا عبّر عن مآسي الحروب، وصراعهم مع الحياة من أجل أيتامهم، ومما جاء فيه:
خرجت تفتش عن غدٍ لصغارها
والهم يجمع ليلها بنهارها
و الدرب وعر خاب ظن حذائها
في أن يرق إذا مشت بأُوارها
والريح ترسم خلفها خيطا من
الدمع السَخين وتحتمي بدثارها
أيتامها في الدار والجوع انبرى
كالحارس المهذار خلف جدارها
الشاعر زكريا مصطفى
وكانت خاتمتها مع الشاعر زكريا مصطفى، الذي فتح نافذة على سماء من الصور الشّعرية الخلابة، فمنح للجمهور أجنحة ليحلقوا مع أسرابها المسافرة في نصوصه، ففي قصيدة "أثر الغريب" يقول:
أمس اشتريتُ لأطيارٍ مهاجرةٍ
ريشًا وماءً وأميالًا من السِّلم
وطرتُ في سربها حتى إذا انتبهتْ
تشبثتْ بي سلالاتٌ من الغيمِ
يا من تشارُكني معناي بي ظمأٌ
إلى الوضوح وتاريخٌ من الكظمِ
وسنبلاتٌ تواسي صيفَ أسئلتي
ونسوةٌ يحتسين الدمعَ من يُتمي
أما في قصيدته "بئر الرؤيا"، فكان صوت الروح القوية للشاعر، مفعما بنبرة إبداعية عالية، اتسمت بدهشة الاستعارات واستخدام الإحالات القصصية، ومما قاله:
أراني في مدى الرؤيا غريبًا
يخبُّ وراءَ قافلة الحيارى
أفجّ ضباب أسئلتي طريقًا
وتُرهقني المحطاتُ انتظارا
أُطالعُ ربّما آنستُ برقًا
أُعبّئُ مِن مساقطِه الجرارا
يلُوح لأحرفي شجرٌ تمشّى
وتحت أضالِعي ملأٌ توارى
تكريم الشاعر محمد البريكي
وفي نهاية الأمسية كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء ومقدمة الأمسية، وقدم لهم شهادات التكريم.