لبلبة لـ "الفجر": أنا فنانة استعراضية..وأرتدي بدلة رقص في "عصابة الماكس" لضرورة درامية اصبت في الفيلم بـ7 غرز تركت علامة تذكرني بأيام التعب والمحبة
*الفن فقد طعمه بعد عادل إمام وأنا تربيته
*دعمي لتجارب المخرجين الجدد يطيل عمري الفني والجمهور لم يشاهد سوى 50% من قدراتي الفنية
*لازال الوقت مبكرًا لكتابة مذكراتي وربنا شايلي هدية كبيرة
*لا توجد فنانة تصلح لتجسيد سيرتي الذاتية لأنني تركيبة مختلفة وقد تأتي الأفضل مني
طفلة صغيرة شقية تجيد التقليد بمهارة، والرقص والاستعراض والغناء والتمثيل، اعتبرها الوسط الفني طفلة فذة معجونة بمياة عفاريت كما يقال.. حين منحها المخرج نيازي مصطفى فرصتها الأولى على الشاشة وهى ٥ سنوات أصبحت من هذه اللحظة أيقونة ونجمة من طراز خاص، وموهبة لم تنضب مع الزمن بل الاستمرارية والتجديد هو العنوان الأبرز في مسيرتها التي تنوعت بين الاستعراض ومن ثم انتقالها لتقديم شخصيات مركبة تتسم بالجدية والعمق، خلال مسيرتها قدمت ٩٣ فيلما مع أباطرة الصناعة من المنتجين والمخرجين، ومع كبار النجوم، ولم تبتعد عن جمهورها فالفن بالنسبة لها هو الحياة، تتعاون مع أجيال متعاقبة مرورا بالجيل الحالي، هى النجمة الكبيرة لبلبة أو (نوجة) في (عصابة الماكس) المعروض ضمن أفلام عيد الأضحى السينمائي، وتعود لبلبة في الفيلم لعالم الاستعراض المحبب لقلبها، إلى جانب العمق الإنساني الذي يغلف الشخصية.
في حوارها مع جريدة الفجر تتطرق النجمة الكبيرة إلى تفاصيل مشاركتها في الفيلم، وكواليس العمل، وتفتح قلبها لتبوح بالكثير من الأسرار لأول مرة.
*في البداية، ما الذي جذبك للمشاركة في "عصابة الماكس"؟ وحدثينا عن استعداداتك للشخصية؟
شخصية نوجا كانت مفاجأة بالنسبة لي بمجرد قراءة السينار بالشخصية المعروضة علي فشخصية نوجا لم أقدمها طوال مشواري الفني، وبطبيعتي أفكر كثيرا قبل الإقبال على أى عمل أشارك فيه، في البداية اعتذرت عن الفيلم بسبب استعالجهم لي وبعدها بفترة سألوني عن السبب وإن كانت الشخصية مضايقني فرديت أن الدور لطيف جدا وبدأت جلسات عمل مع المخرج والإنتاج وأحمد فهمي لأنه كاتب القصة وأحمد حقيقي شاطر جدًا.
بدأت الاستعداد والتحضير برسم الشخصية مع المخرج كى تكون لدينا رؤية واحدة لكى أقدمها كما يريد، ثم بدأت مع الاستايلست لاختيار ملابس الشخصية فهى راقصة معتزلة وهو ما يجب أن يظهر أيضا من خلال مظهرها الخارجي، وأن يظهر ما اعتادت عليه في حياتها في تركيبتها وبالفعل منى التونسي الاستايلست وظفت الملابس بشكل رائع مثل الحلق والفستان والشال كان هناك نوع من الغرابة، أيضا العباية التي ظهرت بها أخذت وقتا في الاختيار لأنني أرتدي تحتها العباية والفستان والحجاب.
بطبيعتي أنا شخصية خجولة جدًا "ممكن ركبي تخبط في بعض" من الخجل، ولكني في الفن جريئة واختياراتي بها جرأة، وبمجرد مذاكرتي للشخصية بتلبسني بلزماتها وتفاصيلها، مجرد وضع الماكياج والباروكة والحلقان التارة والخواتم والأساور هنا كنت أتحول لنوجا بعيدا عن لبلبة.
ونوجة شخصية راقصة كانت مشهورة ولها "شنة ورنة" لكن عاشت في دار المسنين بفلوسها بعد أن اختارت ابنتها الانصياع لزوجها والابتعاد عن أمها بسبب ماضيها، وهنا أصبحت وحيدة ووجدت فرصتها في أن تنضم لعصابة الماكس لتشعر أنها زوجة وأم ولديها عائلة وحفيد حتى لو بالكذب.
فعلى الرغم من أن الشخصية جامدة و"لاسعة" ومتحكمة في فرقتها الموسيقية لكن كانت لديها خلفية مؤثرة، ففي المشهد الذي تتحدث فيه عن أنها كانت تخشى أن تكون وحدها لا تجد من يعطيها كوب ماء كان مؤثر جدا، وطلبت من المخرج ألا أبكي بشكل مباشر في الفيلم لكن عيني "رغررغت " بالدموع.
*بمناسبة الحديث عن جرأتك الفنية، ارتديتي بدلة رقص في الفيلم، والمجتمع الآن أصبح النسبة الغالبة تنتقد مثل هذه النوعية من المشاهد ألم تقلقي من ذلك؟
دعيني في البداية أقول أن هناك فساتين سواريه للأفراح أكثر جرأة من بدلة الرقص التي ارتديتها في الفيلم، فكانت مبطنة ولكن بقماش لون الجسم.
ولا أخاف لأنني في الأساس فنانة استعراضية تعلمت الباليه الكلاسيكي منذ صغري وارتديت بدلة رقص في أفلامي فهى ليست أول مرة، والجمهور شاهدني ويعلم جيدا أنني استعراضية وأول بدلة رقص ارتديتها في حياتي كان في أول أفلامي "حبيبتي سوسو" مع المخرج نيازي مصطفى الذي اكتشفني وقدمني للجمهور، وارتديت بدلة رقص صغيرة جدًا.
وارتديتها في "مولد يا دنيا" مع المخرج حسين كمال، في مشهد الحلم استعراض "شبيك لبيك" وفي استعراض مشهد النهاية "يلا يا دنيا نقول للدنيا" ارتديت بدلة عبارة عن ثوب لونه أحمر.
وفي فيلم "ألف بوسة وبوسة"، و"سيقان في الوحل" و"الموسيقى في خطر" وفيلم "عريس الهنا" قدمت استعراض بالمايوه الريش مع الفنان سمير غانم، ولكن في "خلي بالك من جيرانك" الأستاذ المخرج محمد عبد العزيز طلب مني أن ارتدي بدلة رقص مفتوحة لأن الزوج في الفيلم عادل إمام كان لا بد أن يشعر بهلع وخضة حين يرى زوجته ببدلة رقص فكان الأمر له ضرورة درامية داخل الأحداث.
وفي "عصابة الماكس" كان هناك مشهد رقص بالشمعدان لكن تم حذفه في المونتاج لأن الفيلم كان طويل جدًا، ومشهد الرقص الذي قدمته ظهر قصيرًا لأنه كان عبارة عن حلم ولكننا صورنا وقتًا أطول، ولم أتدرب على الرقص لأنني أجيده منذ صغري فأنا أجيد كل الرقصات حتى الكلاكيت باستخدام الحديد على القدمين وهى رقصة انقرضت.
*الفيلم عبارة عن رحلة ومغامرة مع العصابة تطلبت التصوير في أكثر من لوكيشن، بالتأكيد هذا كان مرهقًا؟
طبعًا ولكني قررت التعامل مع الأمر كأننا في رحلة أنا وباقي أفراد العصابة، صورنا في الغردقة والقصير وفي طريق الفيوم في الكيلو 70 وصورنا في الصحراء، وكلها مشاهد في موجة حر شديدة وتحت الشمس، أتذكر مشهد الألغام ظللنا لأكثر من 5 ساعات في المكان وهو طبيعي، الفيلم كان متعب لكن الكواليس كان ممتعة.
*في أعمال كثيرة أنتي داعمة للمخرجين في بداية مشوارهم..هذا الدعم امتد للأجيال الحالية، ومنهم مخرج الفيلم حسام سليمان ألم تتخوفي من هذه الخطوة؟
اشتغلت مع المخرج أسامة فوزي رحمه الله في ثاني أفلامه "جنة الشياطين" وكان ولا أروع، وهو من أفضل المخرجين الذين عملت معهم في حياتي بعد عاطف الطيب، فأنا محظوظة بعملي مع كبار المخرجين لكني أيضًا أحب دعم الشباب فكل مخرج أشارك معه بشكل جديد وروح جديدة مختلفة، فتعاملت مع الأجيال القديمة ثم الأحدث والأحدث وكل دور مختلف يطيل عمري الفني، لذلك أحب أن أشجع الصناع الجدد.
*حدثينا عن الانسجام والكيميا الفنية الواضحة بينك وبين فريق العمل أحمد فهمي وروبي وأوس أوس ؟
أتابع أعمال أحمد فهمي فهو موهوب وشاطر في الكتابة وحتى في التمثيل هو فنان شاطر وموهب متنوع في شخصياته قدم مجرم سفاح، وكوميدي،
احنا كشلة أو عصابة في الفيلم كما كان ينادينا المخرج كان بيننا محبة لأننا سويا لمدة 3 أشهر في التصوير، جمعتنا جلسات حفظ وتصوير وأكل وحياة، وكنا متأثرين جدًا في آخر يوم تصوير، روبي وفهمي وأوس وأوس والجميع.
*لكنك أيضا كنتي منزعجة من التدخين داخل مشاهد الفيلم؟
حقيقي، لأن أمي ربتني على عدم تناول أى مكيفات سجائر قهوة وغيرها من المكيفات، ولم أدخن في حياتي، ولكن السجائر هنا هى جزء من تركيبة الشخصية، تدربت على الكلام وأنا أدخن لأنني طوال الوقت أقوم بذلك في المشاهد وهو أمر مزعج بالنسبة لي لأني مش متعودة ولا أحب التدخين.
ولكني لم اعترض على أى شئ في العمل، تعلمت منذ صغري الالتزام وأن استمع إلى كلام المخرج، فأنا ست مطيعة جدًا في شغلي، وحتى اسمع كلام المسئول عن الراكور لأننا في العمل الفني مثل فريق الكرة في رحلة لازم نلعب حلو لكى نبسط الناس.
فمنذ صغري وحفلاتي مع عبد الحليم حافظ لتقليد الفنانين كانت أمي تقول لي " لازم تتأكدي أن آخر شخص في الصف مبسوط، وبعد قفل الستارة لازم تتأكدي أنك أديتي الناس بهجة وفرحة"
فمنذ صغري اعتدت أفرح الناس، وأصبحت سعادتي حينما أشعر بفرحة الناس.
*وما حقيقة إصابة قدمك أثناء التصوير؟
حقيقي أثناء تصوير أحد المشاهد تعرضت قدمي للإصابة ولكني تحاملت وأكملت تصوير المشهد وفوجئت بقدمي تنزف وذهبنا للمستشفى وأخذت 7 غرز تركت أثرا في قدمي اعتبره ذكرى للعصابة وللتعب الذي شعرنا به وقت التصوير ولشخصية أحببتها.
وبالمناسبة واصلت التصوير بعدها لأنني اعتدت على أن الفنان حتى لو كان مريضا لا بد وأن يعمل.
*استطاع الأستاذ عادل إمام اقناعك بتقديم مسلسل "صاحب السعادة" وانتقلتي للدراما، ولكنك لازلتي ضيفة على الدراما التلفزيونية لصالح اخلاصك للسينما؟
التمثيل واحد لكن الأداء مختلف، قدمت تجربتي مع أستاذ عادل في "صاحب السعادة" كأني بمثل سينما، حتى أنني فكرت أن أشاهد نفسي في المونيتور مثل الشباب لكنه نصحني ألا أشاهد نفسي، وقال لي:"أنا وأنتي عملنا أحلى أفلام هل اتفرجنا على نفنسنا"؟، فالفنان لن يشعر بالراحة إذا شاهد نفسه بل سينتقدها فطلب مني أن أتعامل كأنني أقدم فيلم وليس مسلسل.
وكبار النجوم لم يشاهدوا أنفسهم أحمد زكي ونور الشريف ومحمود حميدة، تجاربي مع المخرج الكبير عاطف الطيب ويوسف شاهين وغيرهم وقتها لم يكن هناك مونيتور، وهى النصيحة التي تعلمتها من أستاذ عادل إمام.
*بصراحة، في رأيك من يفتقده الوسط الفني ؟
الساحة الفنية تفتقد وجود أستاذ عادل إمام، من وقت ابتعاده عن الساحة الفنية لم أعد أشعر بطعم أى شئ، حتى إن كنت على تواصل معه ولكن العمل معه كان طعم مختلف، وأحاول أن أتناسى أنه ليس موجودا على الساحة الآن، حتى لو لم أعمل معه لكن وجوده كان عامل طعم معين في شغله وفنه.
بيننا عشرة طويلة اشتغلنا وقعدنا سويا أكثر من قعدتي مع أسرتي، قدمنا أحلى أفلام وكل عمل مختلف ومتنوع،فيلم "خلي بالك من جيرانك" غير "احترس من الخط"، ولا "عصابة حمادة وتوتو"، ودوري في "عريش من جهة أمنية" غير "حسن ومرقص" وكانت أول مرة ارتدي حجاب في عمل وهو اقنعني، كان بيحب الفنان يلمع في تفاصيل وكان بيتفق مع المخرج،ومسلسلي "صاحب السعادة" و"مأمون وشركاه" يمكن اعتبارهم بـ10 أفلام كنا بنحضر ونصور في 7 أشهر، اتعودت على التمثيل معه واعتبر نفسي تربية عادل إمام وشاربة منه كثيرًا.
في الكوميديا كنت معه مختلفة، كنا نتفاهم في كل التفاصيل أثناء تصوير المشهد أعلم جيدًا متى سيقول أفيه ومتى سيتوقف.
غالي على جدًا كإنسان خلوق لديه نبل بيحب فنه وجمهوره، كان دائمًا يسألني إذا حضرت فيلم وسط الجمهور خلسة، عن انطباع الناس وإن كانوا سعداء أم لا، كان دائمًا يسألني "الناس مبسوطة يا نونيا" كما كان يحب أن يناديني دائمًا.
*ألم تفكري في كتابة مذكراتك أو تقديم عمل سيرة ذاتية عن مسيرتك؟
سيأتي وقت وأكتب مذكراتي ولكني أشعر أن "ربنا مخبيلي حاجات كتير حلوة" والمذكرات تأتي بعد اعتزال الفنان، ولدى الكثير فالجمهور لم يرى سوى نصف قدراتي الفنية ولازال لدى الكثير.
ولكني لا أحب أن أقدم عملًا سيرة ذاتية عن مسيرتي لأن هذه النوعية من الأعمال لم ينجح منها إلا القليل مثل "أم كلثوم" وعميد الأدب "طه حسين" و"اسمهان" لكن الباقي لم ينجح مثل مسلسل صباح وغيرهم، لأنه صعب أن تجدي نفس التركيبة والشبه والشخصية.
*هل هناك فنانة ممكن أن تجسد لبلبلة؟
صعب جدا لأني تركيبة مختلفة موهبة فذة منذ كنت بعمر الـ3 سنين أغني وأقلد وأرقص جميع الرقصات، فصعب أن يكون هناك نفس التركيبة لكن ممكن أن تطلع فنانة أحسن مني، لكن التركيبة نفسها والاخلاص الشديد وحب الفن أظن أنني أحببت الفن وأدمنته أصبح في دمي ليس من أجل الشهرة.
ولا يمكن أن أقول أنني ضحيت من أجل الفن، لكن الفن بالنسبة لي كان اسعاد جمهوري في كل مراحلي الفنية من طفولتي، أشعر بخضة كبيرة حين أفكر في أنني مررت بكل هذه التجارب.
أثناء تصوير فيلم "الجواهرجي" مع منى زكي سألتني عن الشغف الذي اتعامل به مع الفن حتى الآن وكيف أنني لم أشعر لحظة بزهق أو ممل ولكني بالعكس أشعر بالاستمتاع وأشعر أن "ربنا شايلي مكافأة حلوة وشغل حلوة" كـهدية.
*المحبة متبادلة بدليل أن الجمهور تأثر كثيرًا وقت تكريمك من مهرجان القاهرة السينمائي؟
حقيقي، وقتها اتفقت مع حسين فهمي أن أقول كلمة مختصرة اشكر خلالها المهرجان والجمهور، ولكني في الكواليس تذكرت أمي كانت دائما تقول لي:"هيكرموكي أنتي أكثر واحدة اشتغلتي" وقتها حكيت للجمهور في الأبرا أن أمي كانت هتولدني وهى تشاهد فيلم في السينما وبدأ الحضور في الضحك، وهنأوني بعيد ميلادي وقتها عامل في الأوبرا قالي أنه أول مرة الجمهور هو من يغني لفنان على المسرح.