شيرين.. قمة المجد وقمة الألم
على الحافة تقف شيرين عبد الوهاب بين وهج وانتصارات الماضي وخيبات الحاضر المستمرة لسنوات أوشكت أن تكمل عقدا من الزمن.
كلما حاولت شيرين التمسك بطوق النجاة والعودة إلى الفن والإبداع سرعان ما تغوص مرة أخرى في قاع الألم.. ذلك الألم الذي يبدو ملتصقا برحلة العديد من المبدعين.
قديما كانت العبارة الأشهر "يولد الإبداع من رحم المعاناة"، ورغم أنها عبارة مطاطية لا تنطبق على جميع المبدعين، لكنها كانت الواقع المرير الذي عاشه البعض، ممن امتزج نجاحهم الأيقوني بالألم والمرارة عبر الأزمنة المختلفة،
داليدا، عبد الحليم حافظ، سعاد حسني، أحمد زكي، ويتني هيوستن، أسماء كثيرة في عالم الفن والإبداع شكل الألم والمرارة جزءا أصيلا من تجربتهم.
تكتمل الصورة بـ شيرين عبد الوهاب التي صنعت بريقها الخاص منذ بدايتها مع أوائل الألفية معتمدة على صدقها في نقل المشاعر التي تعبر عنها بصوتها، "آه يا ليل" و"جرح تاني"، مرورا بـ "مشاعر" و"طريقي" وعدد لا بأس به من الألبومات والأغنيات، ربما كانت قليلة (كمًا) في نحو 25 عاما لكنها كانت كافية لأن تجعل شيرين من أهم المطربات ليس في مصر وحدها لكن في الوطن العربي، بعيدا عن هوس المنافسة على لقب "صوت مصر"، فلا يمكن التشكيك بالقيمة التي حققتها شيرين خلال مسيرتها على مستوى الغناء والحفلات.
قبل عام وعلى صفحات جريدة الفجر، طلبت من شيرين عبد الوهاب العودة إلى جمهورها، والتركيز على الغناء بدلا من الاختفاء الذي أبعدها لكن لم يقلل من مكانتها وحضورها، لم تكن شيرين وقتها قد أعلنت عن مشاكلها مع شركة روتانا منتجة ألبومها الأخير، بعكس مشاكلها الشخصية مع زوجها السابق حسام حبيب المتصدرة للتريند اليومي للمواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، فأصبحت حياتها مشاعا.
مع بداية العام الحالي لا تزال محاولات شيرين عبد الوهاب للخروج من شرنقة الأزمات والعودة، لكن تظل محاولات مضطربة لامرأة انهكتها التجربة ومطربة أوشك الزمن أن يولي ظهره لها.
وبينما يقف البعض إلى جانبها كإنسانة تمر بمحنة مرضية.. وأزمة انفصال عاطفي وزوجي افقدتها اتزانها، وكمطربة بحاجة لمن يمد لها العون لتحسن القرار، يقف على الجانب الآخر متصيدو الأخطاء من لا يغفرون لها خطاياها وزلاتها، راغبين في النيل منها مادامت الفرصة سانحة، ولم لا وهى في أوج ضعفها؟ فهى الفرصة الأنسب لهم للانقضاض على المطربة التي غابت عن الساحة لسنوات ولا تزال تتصدر نسب الاستماع ولا تزال منافسة قوية للكبار.
محاولات العودة المضطربة لشيرين تؤكد أنها لاتزال بحاجة للعلاج والاستشفاء، وبحاجة لفترة زمنية تصلح ما أفسدته المشاكل التي مرت بها وتسترد عافيتها ولياقتها الصوتية والجسدية، لتعود إلى قمة المجد مرة أخرى، حتى وإن ظلت تتجرع مرارة الألم الذي تعيشه كامرأة تبحث عن طوق النجاة في الحب دوما حتى إن خذلها ذلك الحب تنهار وتقع في دائرة لا تنتهي من المرارة والفجيعة والألم.. الألم الذي يتحول إلى نغمات صادقة بصوتها يمس القلوب.
في الواقع.. هذا المقال لا يحلل تجربة شيرين عبد الوهاب الفنية..لكنه رغبة ودعوة للصادقين للامساك بها من الحافة ومنحها طوق النجاة قبل أن تلقى مصير داليدا، وهيوستن وحتى سعاد حسني، ربما نتعلم من تجاربهم أن القسوة في التعامل تقتل الروح والجسد، لكن العزاء هو بقاء الموهبة والوهج إلى الأبد.