مكتبة حسن كامي بوسط القاهرة تضم 40 ألف كتب وصورة زوجته الراحلة
في منطقة وسط البلد بالقاهرة، وتحديداً في شارع قصر النيل، يجلس الفنان حسن كامي، الممثل ومغني الأوبرا العالمي، في مكتبته المعروفة وسط مئات السنين من التاريخ المسطور، محدقا في صورة أمامه يحمل مثيلتها في قلبه، وتحمل وجه زوجته الراحلة نجوى رفيقة دربه وشريكته في حب القراءة والشغف بالكتب.
قصة حسن كامي مع مكتبته ترجع إلى سنوات طويلة مضت، حينما كان أحد مرتادي المكتبة الشهيرة في وسط القاهرة، والتي يعود تأسيسها إلى نهاية القرن التاسع عشر، علي يد يهودي مصري يدعى فيلدمان لتكون مرجعاً للمهتمين من مستشرقي الغرب، ومن هنا أطلق عليها اسم «المستشرق»، قبل أن يرحل عن مصر عقب العدوان الثلاثي في عام 1956.
وبرحيل "فيلدمان" انتقلت ملكية المستشرق إلى عاشق آخر للكتب هو شارل بحري، الذي أضاف للمكتبة كماً من الكتب والكنوز، والذي وجد شغفًا فيما جمعه، لم يجد من يشاركه فيه، غير ذاك الشاب الذي أخذ يقبل عليه مراراً يشتري كتباً، ربما قد يضطر لتقسيط ثمنها أحياناً، لكن شغفه غلب قدرته المالية، وغلب أيضاً إحساسه بالوقت، لدرجة أنه كان يحبس نفسه أحياناً وسط الكتب خلال غلق المكتبة بين الفترة الصباحية والمسائية، لينهل فيها ما استطاع مما يحيط به من الكنوز، ذاك الشاب كان حسن كامي.
وبعد 17 عاماً من التردد على المكتبة والإلحاح على صاحبها في شرائها، وافق شارل، أخيراً، عندما أحس باقتراب أجله، ليبيع المكتبة لـ"كامي" الذي استدان ليكمل الثمن، ويهدي المكتبة التي عشقها إلى من طغى عشقها عليه زوجته نجوى ألفي التي شاركته حياته وشغفه بالكتب.
المكتبة التي ضمت أكثر من أربعين ألف عنوان، بين كتب قيمة ولوحات فنية نادرة، بينها واحدة ضمن ثلاثة فقط حول العالم، ومخطوطات من كتاب "وصف مصر"، وظلت زوجة "كامي" الراحلة تدير المكتبة حتي فارقت عالمنا في 4 فبراير عام 2012، لكنها لم تفارق عالم "كامي"، الذي ظل يبحث عنها في كل ركن في حياتهما معاً.
«كامي» الذي ظل يبعث لزوجته المتوفية رسالة على "فيس بوك، يومياً، يستعيد فيها ذكرياتهما معاً، ويخبرها بتفاصيل حياته، وربما يعتذر لها إن انقطعت عادته تلك يوماً لظرف طارئ، تفرّغ لحياته في المكتبة، إذ يقضي معظم وقته وسط الكتب، لشغفه القديم بها، وربما هي رائحة نجوى، التي جذبته إلى الجلوس على ذلك الكرسي الذي طالما جلست عليه، محدقًا إلى روحها التي تطل من صورتها المُعلقة أمامه، ربما أحب المكتبة حُبيّن؛ حُب الكتب، وحُبًا لما تحويهِ من "نجوى".