طارق الشناوي يكتب: سهير البابلي ملكة المسرح المصري

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

تنتشر على (النت) معلومة خاطئة ومتداولة منذ عقود من الزمان مثل عشرات غيرها، تؤكد أن الموسيقار منير مراد الشقيق الصغير لليلى مرد أشهر إسلامه فى مطلع الستينيات للزواج من سهير البابلي، والصحيح هو أن منير مراد بعد أن أعلنت ليلى إسلامها عام 1946 لم تمض سوى سنوات قلائل ليعلن هو أيضاً إسلامه، فلم يكن للأمر علاقة بسهير البابلي، ليلى مراد أيضاً عندما أشهرت إسلامها لم يكن الأمر متعلقا بزوجها أنور وجدى، أسلمت ليلى بعد الزواج بنحو عام، رغم أنها غنت وهى تحمل الديانة اليهودية لأم هاشم في فيلم (ليلى بنت الفقراء).

في بدايات زواج منير من سهير البابلي قدمها للمخرج عاطف سالم الذي روى لى أنه أثناء تنفيذ فيلمه (يوم من عمري) بطولة عبد الحليم وزبيدة ثروت وعبدالسلام النابلسى تحمس جداً لموهبتها، وهو صاحب فكرة أن تشارك في أغنية (ضحك ولعب وجد وحب)، تأليف مرسى جميل عزيز وتلحين منير مراد، أغنية مبهجة بالكلمة واللحن والأداء، وحضور سهير البابلى زادها بهجة، وظل عاطف سالم مؤمنا بموهبتها حتى إنه منحها بعد ذلك البطولة فى التسعينيات فى فيلم (يا ناس يا هوه).

بصمة خاصة جداً تركتها سهير البابلي في الحياة الفنية، إنه التقدير الاستثنائي الذى ظل يرافقها حتى اللحظات الأخيرة، مشوارها يلقى كل احترام من الجمهور والزملاء، العدد ليس كبيراً فهي لا تلهث وراء التواجد، ومن الواضح أنها لم تخش أبداً الغياب، ولم يؤرقها الخوف من غدر الأيام، الجانب المادي الذي كثيراُ ما نكتشف أنه صار حجة للفنانين ف الرهان على الحضور الدائم مهما كانت الأسباب، تجاوزته، هناك دائما" عوامل خارج النص تدفع الفنانين للإصرار على التواجد على الخريطة، مثلا الفنان مع الزمن قد ينساه المخرجون والمنتجون ويسقط سهوًا من الأجندة، إلا أن سهير البابلى كانت مدركة تماماً أنها عصية على النسيان، معادلة سهير مختلفة في هذا الشأن.

فهي تعتبر سنوات الغياب بمثابة شحن لطاقتها الإبداعية حتى تعتلى خشبة المسرح مجددا وهى فى عزّ لياقتها، تواجدت سهير البابلى بقوة على الخريطة الفنية فى التليفزيون والسينما، ظلت بصمتها على خشبة المسرح هى الأكثر عمقًا، وهو سؤال تردد فى حياتها وأصبح هو السؤال الأكثر تداولا بعد الرحيل، وتفسيري أن الوسيط الذى يمارس من خلاله الفنان إبداعه بينه وبين المبدع نوع من التفاعل الخاص جدا، وتحدث أحيانًا كيميا مع هذا الوسيط، وهكذا يحقق مثلًا يحيى الفخراني نجاحًا ضخمًا فى السينما والمسرح والتليفزيون وخلف ميكروفون الإذاعة، إلا أن حضوره اللافت الذى يضعه على القمة هو الدراما التليفزيونية.

بعد جيل العملاقتين سميحة أيوب وسناء جميل، نجحت سهير البابلي فى الانتقال إلى مساحة أخرى، وهي العلاقة مع الجمهور فى القطاع الخاص، سهير كانت نجمة شباك فى المسرح الخاص ويقطع الجمهور التذكرة من أجلها، واكبتها الفنانة الكبيرة شويكار، ولكن شويكار ظلت تشكل ثنائياً ناجحاً مع فؤاد المهندس فى المسرح والسينما، ولا ينكر أحد قطعاً حضورها، حتى إن أول اسمين تبادرا لذهن المنتج الشهير سمير خفاجة والمخرج الكبير حسين كمال والكاتب الكبير بهجت قمر، أن مسرحية (ريا وسكينة) تجمع بين قمتي المسرح سهير البابلي وشويكار قبل أن تعتذر شويكار فى اللحظات الأخيرة وتتجه البوصلة إلى شادية.

أما هذا (الدويتو) الذي جمع بين شادية وسهير فهو يستحق حديثًا آخر.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).