مسلسل نقل عام ينقل حياة الطبقة المتوسطة ويثير فضول الجمهور في أول أيام عرضه
أثار مسلسل نقل عام فضول جماهير الوطن العربي، بعد أحداث أولى حلقاته المليئة بالإثارة والتشويق والكثير من المشاعر الإنسانية،و يخرج من وسط زحام الدراما بألوانه الزاهية المبهجة ليضع المشاهد العربي أمام مسؤوليته الأخلاقية الإنسانية، ويعيد للدراما العربية رونقها وللدراما المصرية دورها الريادي الطليعي في بناء الإنسان، فنحن أمام مسلسل ينتصر للطبقة المتوسطة ويعرض حياة مواطن مصرى كبير فى السن يعمل سائق اتوبيس فى هيئة النقل العام، يخرج على المعاش بعد أن تقدم في العمر.
المسلسل طرح قصة من جانب موجود بحياة الناس وموجود على أرض الواقع حيث الدراما دائما تكون من الواقع وليس من وحي الخيال.
يبدأ المسلسل عطائه الفنى بخطوط درامية واضحة وممثلين اكفاء ومخرج واعى، فى بداية انطلاقة قوية لعمل فنى متميز يحاول صناعه فى تقديم رؤية جديدة للجمهور.
الخط الدرامى الرئيسي يتناول حياة سائق الاتوبيس كنموذج للانسان البسيط من الطبقة الكادحة فى دراما كاشفة للواقع والشخصية المصرية وروح المصريين والهوية المصرية الحقيقية، تعيد الروح إلى الدراما الاجتماعية بعذوبة انعكست على شكل الأداء من جانب نجوم الذين برعوا فى التجسيد، ومن ثم المسلسل فى مجمله يتناول دراما واقعية غائبة فى الطرح، حققت ردود أفعال إيجابية بعد عرض اولى حلقاته، وسجل صدى كبير كونه تطرق فى أحداثه إلى عدد من الاحداث المهمة التى تمس المجتمع المصرى، وقريبة من الواقع.
نقل عام مسلسل درامى متميز إنساني بحت، جميع شخوصه عميقة، لديها بعد وتدخل في تحدٍّ مع نفسها لتصبح أفضل، وأزعم أن صناعه حققوا الهدف من العمل ولامس قلوب الجمهور منذ بدايته، والفكرة كانت جديدة على الدراما، وللمرة الأولى تطرح بهذا البعد.
(نقل عام) عمل درامى يعد بمثابة مفاجأة للجميع.. حيث كان الانطلاقة الأولى الحقيقية لوجود دراما تحترم المفردات والمعايير الفنية وفن قادر على محاربة الإستهلاك فى الدراما المصرية وتحرير الدراما من قوالب التقاليد البالية، والخروج إلى آفاق فنية رحبة. يبرز جمال وبساطة المواطن المصري وعراقة شوارع مصر وما تحمله في طياتها من جمال وتاريخ من خلال كادرات ساحرة غاية فى الروعة، هذه المفردات تعطى انطباع خاص للدراما بل انطباع شديد الخصوصية من خلال الخروج من الصورة النمطية المعتادة للشارع المصرى والاسرة المصرية وتضمين الجانب الإنساني داخل المسلسل جعلنا نرى حلاوة مصر فى جمال المسلسل الذى صب كل الاهتمام في تأمل الواقع لنرى المشاعر الدافئة فى الاسرة المصرية والتغيرات الدقيقة في الأخلاقيات والمشاعر داخل المجتمع، وكذلك الروابط العائلية والآثار النفسية المترتبة منها. وكم هو صعب حقًا الإبداع في هذه المنطقة الفنية الوعرة.
هذا «الصدق الفني» امتد بدوره، إلى الصورة البصرية، إذ نجح المخرج عادل اديب في صنع حالة تعبيرية متكاملة مستندًا إلى بناء درامى محكم وابتعد عن فخ النمطية والتكرار مع اهتمام واضح بكافة التفاصيل التي وظفها بشكل كلها جيد بما يتضمنه ذلك من ابراز الفكرة ومن انتصار لقيم المجتمع.
شكل فريق عمل مسلسل نقل أداءً متناغما فيما بينهم، جعل المشاهد يتوحد مع الأحداث ويتفاعلون معها وكأنها واقع أمامهم، وهذا ما يتضح من خلال التفاعل الدائم مع الحلقتين السابقتين، ما يؤكد أن الأداء التمثيلي لفريق العمل تم على أكمل وجه.
الفنان محمود حميدة عندما تجتمع الموهبة مع الخبرة مبدع حقيقى فى اداؤه وتجسيده للشخصية بشكل متقن جدا.
سوسن بدر مازلت اؤكد إنه ا ممثلة استثنائية وفى منطقة تانية من الابداع تمتلك موهبة جبارة وخبرة عظيمة من الوعي الفنى وتمتلك رصيد كبير من حب الجمهور.
سميحة ايوب سيدة المسرح العربى اضافة قوية للمسلسل بخبراتها الكبيرة حيث تتمتع بحضور قوى ولازالت تتمتع بحيوية كبيرة فى الاداء.
الفنانة دينا ممثلة جميلة وممثلة من العيار التقيل ولديها كاريزما وحضور ملفت، واستطاعت أن تؤدى الشخصية بشكل رائع لأنها متمكنة من اداؤها ما جعلها تظهر على الشاشة بهذه المصداقية.
السيناريو لوليد خيرى منذ بدايته جيد ومحفز ابتعد عن النمطية والتطويل، ينجح في تقديم قصة واقعية ورومانسية اسرية دافئة في إطار جديد ومشوق وغير مباشر. كما نجح السيناريو في تقديم شخصيات واقعية ومرسومة بعناية، تنطق بحوار جميل ومركز بعيد عن الثرثرة الكلامية.
نجح المخرج عادل اديب في إدارة فريقه الفني، خصوصًا إدارته للممثلين،. تصوير أخاذ وجميل وتكوينات جمالية للكادرات، خاصة فى المشاهد الخارجى لقطات وزوايا تصوير مدروسة بعناية، وإضاءة درامية موفقة.
مونتاج سريع وجيد وخدم السيناريو في التعبير عن أحداثه الاولى، يعتمد على إيقاع منسجم ومتناسب مع الحدث الدرامي وابتعد عن فخ التكرار والتطويل أما الموسيقى التصويرية لراجح داوود رائعة وجميلة جدااا ومعبرة وموحية وتتناسب مع المضمون الدرامى.
بداية قوية لاحداث مسلسل مثير وممتع يستحق صانعو هذا المسلسل الاشادة والتحية اولهم المخرج عادل اديب الذى خلق هذا الانسجام والتركيز فى الادوار وحسن اختيارة للممثلين واستخدامة أسلوب ومفردات جديدة فى الاخراج على الشاشة المصرية والمؤلف وليد خيرى الذى قدم قصة واقعية معبرة من واقع المجتمع تحية خاصة للمنتج ريمون مقار الذى وفر كل الامكانيات لتقديم عمل متميز حقا فخور بهذا المسلسل وبصناعة الذين اثبتوا إنه وبالرغم من كل شىء انهم قادرين على صنع دراما جيدة فى هذا البلد وفى انتظار باقى الحلقات بشغف.