توظيف التراث عند المعري في إصدار جديد لدار الكتب
أصدرت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، برئاسة الأستاذة الدكتورة نيفين محمد موسى، كتابا بعنوان "توظيف التراث في رسالة الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعري". الكتاب من تأليف الدكتور محمد أبو عوف، ويضم دراسة لتوظيف التراث في رسالة الصاهل والشاحج لأحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعروف بأبي العلاء المعري (363- 449 هـ/ 973- 1057م). وتعد هذه الرسالة من المؤلفات النادرة للمعري التي كتب لها البقاء.
وثيقة هامّة لفترة حرجة من تاريخ مصر والشام
تكمن قيمة هذه الرسالة في كونها وثيقة هامّة لفترة حرجة من تاريخ مصر والشام فقد ألّف أبو العلاء كتابه لعزيز الدولة أبي شجاع فاتك عامِل الفاطميين على حلب في أيام الحاكم بأمر الله وبعض أيام الظاهر، أي بين عامي 407هـ/1018م و413هـ/ 1022م، بطلبٍ من أبناء أخيه يلتمسون منه التوسّط لدى عزيز الدولة في أنْ يضع عنهم ما فرضه الجُباة، وذلك أثناء جفلة أهل حلب من طاغية الروم باسيل عام 411هـ، وقد فرغ من كتابته سنة 412هـ بعدما صور فيه الجفلة، وضمنه عرضًا حافلًا ومثيرًا لأحوال المجتمع وأوضاعه وطبقاته.
نوادر أدبية ونكت عروضية
وتعتبر الرسالة وثيقة تؤرخ لفترة حرجة من تاريخ مصر والشام، كما تضم نوادر أدبية ونكت عروضية أوردها المعري مصحوبة بملاحظاته وتعليقاته على قضايا ومسائل خلافية أرقت مؤرخي الأدب وعلماء العربية.
نبذة عن دار الكتب والوثائق
دار الكتب والوثائق القومية إحدى المراكز الثقافية في جمهورية مصر العربية التي أُنشأت للمحافظة على ثروة مصر الثقافية، والعلمية؛ وهي بمثابة مكتبة عامة متاحة للجمهور.
التأسيس
كانت لدى الخديوي إسماعيل 1863- 1879 رغبةٌ في إنشاء مكتبة عمومية؛ لجمع شتات الكتب من المساجد وخزائن الأوقاف لحفظها وصيانتها من التلف؛ اقترح علي مبارك على الخديوي إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط المكتبة الوطنية في باريس؛ حيث كان قد أعجب بها حينما أُرسل ضمن البعثة التي أُوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 1844، أصدر الخديوي إسماعيل الأمر العالي رقم 66 بتأسيس دار الكتب كانت تسمى الكتبخانة الخديوية المصرية) في 20 ذي الحجة 1286هـ (23 مارس 1870م في سراي الأمير مصطفى فاضل باشا شقيق الخديوي إسماعيل في حي درب الجماميز،وجُعل لها ناظر وخدمة، وصار لها مفهرس من علماء الأزهر مسئول عن الكتب العربية، وآخر مسئول عن الكتب التركية، ونُظمت لها لائحة وضعت أسس الانتفاع بها. وكانت النواة الأولى لمقتنيات الكتب خانة الخديوية نحو ثلاثين ألف مجلد، شملت كتب ومخطوطات نفيسة، جُمعت من المساجد والأضرحة والتكايا ومكتبتي نظارتي الأشغال والمدارس.
أُطلقت عدة مسميات رسمية على دار الكتب وتغير اسمها على مر الزمن فكان اسمها عند نشأتها سنة 1870 «الكتب خانة الخديوية»، ثم «دار الكتب الخديوية» (1892- 1914)، ثم «دار الكتب السلطانية» (1914– 1922)، ثم «دار الكتب الملكية» (1922- 1927)، ثم دار الكتب المصرية (1927- 1966)، ثم «دار الكتب والوثائق القومية» (1966- 1971)، ثم «الهيئة المصرية العامة للكتاب» (1971- 1993)، وأخيرًا أطلق عليها «الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية» منذ (1993وحتى الآن).
التطور والتوسع الانتقال إلى ميدان باب الخلق
في سنة 1880 ضاقت الكتبخانة بمحتوياتها من الكتب والوثائق، فنقلت سنة 1889م إلى الطابق الأول (المسمى السلاملك) من السراي نفسها. ومع تزايد أعداد الكتب أصدر الخديوي عباس حلمي الثاني في سنة 1896 أمرًا بنزع ملكية الأرض وتخصيصها لبناء الكتبخانة الخديوية عليها، ولكن هذا المشروع لم يتحقق. في سنة 1899 وضع الخديوي عباس حلمي الثاني حجر الأساس لمبنى يجمع بين الكتبخانة الخديوية ودار الآثار العربية (متحف الفن الإسلامي حاليًا) في ميدان باب الخلق (ميدان أحمد ماهر فيما بعد). وخصص الطابق الأرضي من المبنى لدار الآثار العربية، وطابقه الأول بمدخل مستقل لدار الكتب الخديوية. وفي 5 مارس 1904 افتتحت الكتبخانة أبوابها للجمهور.
الانتقال إلى مبنى الكورنيش
بسبب التطور الكبير الذي مرت به مصر في بداية القرن العشرين وهو ما كان له الأثر في نمو حركة التأليف والترجمة في مختلف نواحي المعرفة الإنسانية، ففي سنة 1930 ضاقت مخازن دار الكتب بمختلف أنواع المقتنيات، وبموظفيها وروادها من المطالعين. لذلك بدأت الدار منذ ذلك التاريخ تطالب بإنشاء مبنى جديد يساير التطور العالمي في نظم المكتبات الحديثة في ذلك الوقت، وفي سنة 1935 وقع الاختيار مبدئيًا على أرض تقع بجهة درب الجماميز، واختير موقع «بأول شارع تحت الربع»؛ لقربه من مكان الدار في ذلك الوقت الذي اشتهرت به. ورأى المجلس الأعلى للدار سنة 1938 أن أفضل موضع لبناء دار الكتب فيه هو أرض سراي الإسماعيلية، وتقرر في مارس من السنة نفسها البدأ في عمل مسابقة عالمية؛ لوضع التصميمات المعمارية والهندسية اللازمة للمبنى الجديد.