في ذكري شيخ الممثلين ورائد المسرح جورج أبيض تعرف على صفعته للقصري التي غيرت مجري حياته وماهي نبؤته لبابا عبده الفن
يحل علينا اليوم ذكري وفاة رائد المسرح العربي جورج أبيض وولد في 5 مايو 1880ببيروت في لبنان هاجر إلى مصر عندما كان عمره 18 عاما وكان مفلسا ولا يحمل من الشهادات سوى دبلومًا في التلغراف وذلك ما أهله للعمل بعد عام بسكك حديد الإسكندرية.
في عام 1904 شاهده الخديوي عباس في مسرحية سياسية مترجمة تحت عنوان «برج نيل» فأعجب به وأرسله إلى باريس لدراسة الفن وعاد لمصر عام 1910 ومعه فرقة فرنسية تحمل اسمه وبدأ بعرض مسرحيات باللغة الفرنسية
وقدم أول أدواره التمثيلية آنذاك، وأدى في حفل مدرسته السنوي للخريجين دورا بمسرحية «القروش الحمراء» في حضور الممثل الفرنسي (جان فريج) مؤدي الدور على مسارح باريس والذي أثنى على موهبته وإجادته له وكان لتشجيعه أثر عميق لم يفارقه.
قدمت فرقته أكثر من 130 مسرحية مترجمة ومؤلفة طوال عشرين عاما، كان من رواد السينما حيث قدم أول فيلم غنائي مصري وهو فيلم أنشودة الفؤاد عام 1932
في عام 1943 انتخب ليكون أول نقيب لنقابة للممثلين في مصر وحين افتتح معهد الفنون المسرحية ظل يدرّس به حتى توفي
و كان جورج أبيض أيضًا من رواد السينما حيث قدم أول فيلم غنائي مصري وهو فيلم أنشودة الفؤاد عام 1932، وفي عام 1943 انتخب ليكون أول نقيب لنقابة الممثلين في مصر، وتعلم على يديه كل الفنانين الذين التحقوا بمعهد الفنون المسرحية الذى ظل يدرّس به حتى وفاته.
صفعته لعبد الفتاح القصري التي غيرت مجري حياته
ورغم أن الفنان الكبير وصاروخ الكوميديا عبدالفتاح القصرى لم يعمل سوى فترة بسيطة جدًا بمسرح جورج أبيض إلا أن ذلك كان له تأثير كبير فى حياته ونجوميته، وهو الذى حول مساره لطريق الكوميديا الذى أبدع فيه، وذلك حين صفعه جورج أبيض على وجهه فتحول مساره.
وتعود القصة التى ذكرها المؤرخ الفنى ماهر زهدى إلى أن القصرى فى بداية مشواره الفنى التحق بفرقة جورج أبيض الذى تحمس له بعدما عرف إتقانه للغات وقدرته على ترجمة المسرحيات، وأعطاه جورج ابيض دورًا فى مسرحية «أوديب ملكا».
وللقارئ أن يتخيل نجم كوميدى وهو يقف أمام جورج أبيض فى مسرحية تراجيدية جادة، ليقوم أبيض بدورأوديب، بينما يقوم القصرى بدور العراف الأعمى، فيقول أدويب للعراف الذى وصفه بالقاتل «صه يابن الجحيم»، ويأتى الدور على العراف عبدالفتاح القصرى الذى أراد التجويد فرد بصوته وطريقته المميزة «واحسرتااااه أنا تقوللى صه»، فانفجر الجمهور ضحكًا، وارتبك جورج أبيض وغضب بعدما أخرجه القصرى من حالة الاندماج مع الشخصية، فأمر بإغلاق الستار، وانفعل على القصرى فى الكواليس ووصفه بالفاشل وأنه لن يكون ممثلًا أبدًا.
تعجب القصرى لأنه ظن أن ضحك الجمهور معناه نجاحه، فازداد انفعال جورج أبيض وصفع القصرى على وجهه وطرده من المسرح، وصدرت الصحف فى اليوم التالى لتتحدث عن واقعة ضرب جورج أبيض لممثل مبتدئ أفسد العرض المسرحى، واعتقد القصرى أن هذه الصفعة كتبت نهاية مشواره الفنى القصير ولن تقبله أى فرقة مسرحية بعدما انتشرت تفاصيل الواقعة وحكم عليه جورج أبيض بالفشل.
لم يكن القصرى يعلم أن هذه الواقعة ستكون سببًا فى انطلاقه الفنى وسوف ترسم خارطة طريقه ليكون أحد عمالقة الكوميديا الذين لا يتكررون.
فبمجرد أن سمع نجيب الريحانى بأن فنانًا مغمورًا طرده جورج أبيض لأنه أضحك الجمهور بدلًا من أن يبكيه بحث الريحانى عن هذا المغمور ليضمه إلى فرقته، وبعدما عثر عليه وقع معه عقدًا للعمل فى فرقت، ليتألق القصرى فى فرقة الريحانى ويبدأ مشواره مع النجومية والكوميديا.
نبؤته لعبد المنعم مدبولي
وبسبب كارزمة «مدبولي» وأدائه، تنبأ له جورج أبيض نقيب الممثلين في ذلك الوقت بالنجومية حيث قال له: «أنت هيكون ليك مستقبل كبير وهتكون خليفتي في الفن»، وذلك بعد تجربته الأولى له في مسرحية معه، وتحققت النبوءة بالفعل فكان مدبولي من أساتذة الفن
تزوج جورج أبيض وعمره 43 من الفنانة دولت أبيض عام 1923 ورزق بابنته الوحيدة سعاد وأعلنا إسلامهما في عام 1953 وظل يدُرس بمعهد الفنون المسرحية طيلة حياته
وفي حديث مطول له مع مجلة صباح الخير نشرته بعد وفاته في 28 مايو عام 1959 تحدث جورج أبيض عن الرسالة التي يتمنى إرسالها إلى الجمهور فطلب من محرر كتابتها ومن أهمها
أكتب أنني أمضيت 23 سنة بمصر ومثلت في كل مديرية ومركز ثم أنا عجوز على المعاش أحن إلى الأوبرا وإلى المسرح وأحلم أن أمثل مرة أخرى رواية صلاح الدين فاتح بيت المقدس.
ورحل عن عالمنا 12 مايو 1959عن عمر يناهز 87 عام تاركًا بصمة قوية في تاريخ المسرح والسينما العربية.